للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٨٩٤م"، نراه يستعين بالأعراب في نسخ النقوش القديمة في مناطق الجوف، ومن ثم فقد تيسر له جمع مئات من النقوش المهمة، دون أن يذهب بنفسه إلى تلك المناطق الخطرة البعيدة، ومن هذه النقوش "نقش صرواح"، الذي يرجع إلى أقدم عصور الدولة السبئية، فضلا عن مجموعة من العملات العربية القديمة، ضمت إلى مقتنيات متحف الفنون بفيّنا، كما نشر الكثير منها، وإن لم يتم للآن نشر كل أعماله١.

وتأثرت أكاديمية الفنون بفينا بنتائج رحلات "جلازر"، فقررت عام ١٨٩٨م، إرسال بعثة إلى جنوب بلاد العرب، يشرف عليها "موللر" و"لندبرج"، غير أن الإنجليز لم يسمحوا لها بالتوغل داخل اليمن مستغلين نفوذهم هناك، فذهبت إلى حضرموت لزيارة الخرائب القريبة من "شبوه" فأقام العرب العقبات في طريقها، مما اضطرها إلى العودة بعد أن بلغت "عزان"، وإن تمكنت من طبع نقوش "نقب الهجر" و"أوبنة" و"حصن الغراب" وفي يناير ١٨٩٩م، توجهت إلى سوقطرة لدراسة لهجتها، كما درست فيما بعد اللغات الحديثة في الصومال ومهرة وسوقطرة وشخوري، ونشرت أبحاثًا فيها بعد ذلك٢.

وتقوم الحرب العالمية الأولى "١٩١٤-١٩١٨م"، ويتوقف هذا النشاط العلمي الممتاز، ولكن ما أن تضع الحرب أوزارها، وتنال اليمن استقلالها، حتى يغلق الإمام يحيى الأبواب أمام البعثات العلمية والمغامرين سواء بسواء، وذلك إبان الصراع الذي نشأ بينه وبين الإنجليز، بشأن قضايا عدن والمحميات، إلا أن الرجل كان -مع ذلك- جد حريص على الكشف عن آثار بلاده، ولكن بطريقته الخاصة. وهكذا -وعلى نفقة ولي العهد- بدأ البحث من جديد عن آثار اليمن، ففي عامي ١٩٣١، ١٩٣٢م، قام كل من "كار راتيز" و"فون فيسمان" برحلات متعددة إلى الحبشة وحضرموت واليمن، وقاما بأول حفائر في منطقة النخلة الحمراء وغيمان وحقه شمالي صنعاء، إلا أن العقبات سرعان ما أحاطت بهما، كما أن الحفائر لم تكن منظمة، وعلى نطاق ضيق، حتى أن الرجلين لم يتيسر لهما مطلقًا -رغم إقامتهما


١ ديتلف نلسن: المرجع السابق ص٢١-٢٢ وكذا O. Wether, Op. Cit., P.١٢.
وكذا D.H Muller And N. Rhodokanakis, Eduard Glasser, Reise Nach Marib Vienna, ١٩١٣.
٢ ديتلف نلسن: المرجع السابق ص٢٣.

<<  <   >  >>