فإن كانت المفاريد قليلةً ولم تصل حدّ التشكيك في عدالته، أو كانت المفاريد لا وجود لها في حديث الراوي، فهو مُشَارَكٌ في كل حديثه. نُظر إلى القسم الثاني من حديث الراوي، وهو ما شُورِكَ في أصل روايته. هل الغالب عليه فيه موافقةُ الثقات، وما هي نسبة مخالفته (فُحشًا وعددًا) بالنسبة لموافقته لهم.
فإن ظهر لنا بعد ذلك أنه ضابطٌ في الجملة، عُدنا مرة أخرى إلى مفاريده (إن وُجدت)، فنظرنا فيها: هل في ضبطه ما يقع جابرًا لما تفرّد به؟ هل يحتمل ضبطُه التَّفرُّدَ بما تَفَرَّدَ به؟ فإن كان فيها مالا يحتمله ضبطُه، نظرنا:
هل فيها منكراتٌ شديدة؟ فإن كان فيها شيءٌ من ذلك: ربما أسقطنا حديثه؛ فرُبّ حديثٍ واحدٍ أَسقطَ مائة ألف حديث (كما قال الدارقطني).
ولا يعني ذلك أن الناقد لا ينظر إلى هذا القسم (قِسْمِ ما شُورك فيه الراوي) إلا بعد قِسْمِ ما تَفرَّدَ به من حديثه، بل ربما كان الابتداء بقسم ما شُورِكَ فيه أصحّ، لأن الحكم على الراوي من خلاله قد يكون أسهل، وهو أقل عمقًا من سَبرِ المفاريد (مع عمقه أيضًا).
وكما أن ما يُردُّ من مفاريد الرواة مراتب (كما سبق)، فكذلك ما يُردُّ من جهة المخالفة مما شُورِكُوا في أصل روايته وتبيّنت فيه مرجوحيّةُ روايتهم، فهو أيضًا مراتب:
ومرجع ذلك إلى الموازنة بين درجة الغلط وحال الراوي من جهة العدالة: