أكانت نتيجة سَبْرِ حديثِه القبول أم الرد - في الترجيح بين تلك الأقوال المختلفة. فيكون السَّبر حينها للوصول إلى مرجِّحٍ فقط، لا إلى حُكمٍ اسْتِقْلاليّ.
تنبيهٌ: الضبطُ هو (غالبًا) سببُ تباين مراتب الرواة في مراتب الجرح والتعديل، أما القدحُ في العدالة (غير فِسْق المتأوّل فيه) فهو مرتبةٌ واحدةٌ إجمالًا، هي مرتبةُ شِدّةِ الضعفِ ممن لا يُعتبر بحديثهم من الرواة. أما من لم يُقدح في عدالته (بكذبٍ أو اتّهامٍ به أو فسقٍ أو جنون أو غفلةٍ شديدة تُنزَّل منزلةَ الجنون) فهو معتبَرٌ به، مهما اشتدّ ضعفُه في الضبط؛ إلا فيما تبيَّن أنه قد وَهِمَ فيه، فوَهْم الثقات لا يُعتبَر به أيضًا. إلا إن بَلَغت نكارةُ وَهْمِه درجةَ التشكيكِ في عدالته، على ما سبق بيانه.
وتنبيهٌ ثانٍ: أنّ الرواةَ الضعفاءَ الذين يُعتبَرُ بحديثهم هم أيضًا درجاتٌ ومراتب، فليس من اختُلف في قبوله وفي ردّه من الضعفاء كمن اختُلف في الاعتبار به وفي عدم الاعتبار.
* * *
• أئمّةُ الجرحِ والتعديل
شروط المعدِّل والجارح: يقول الذهبي في الموقظة: «الكلام في الرواة يحتاج إلى ورعٍ تامٍّ، وبراءةٍ مِن الهوى والميْل، وخبرةٍ كاملةٍ بالحديث وعِلَلِه ورجاله».