والخطوة الثانية هي: أن يكون الجمعُ بين الأقوال المتعارضة ممكنا بغير تعسُّف، فيكون التعارُضُ لفظيًّا ليس بحقيقي.
وهذا الجمع يحتاج إلى علمٍ عميقٍ بألفاظ الجرح والتعديل وبمدلولاتها اللغوية والعُرفية وبمراتبها وطرائق استعمال الأئمة لها في التعبير عن أحكامهم.
ومن أمثلة هذه الألفاظ: لفظ (ضعيف)، الذي قد يُطلق على من كان في آخر مراتب القبول (مرتبةِ حَسَنِ الحديث، عند المتأخرين)، كما بيَّنتُه في (المرسل الخفي).
ومن الأمور التي يجب مراعاتها عند هذا الجمع، ما يلي:
أولا: مراعاة سياق الكلام الذي ذُكِرَتْ فيه تلك العبارة، إذ قد يكون الجرح أو التعديل نِسْبِيًّا:
* كمن ضُعِّفَ في بلد دون بلد: كمَعْمَر بن راشد.
* ومن ضُعِّف إذا حدَّثَ عن إقليم دون إقليم: كإسماعيل بن عيّاش وفَرَج بن فَضالة.
* ومن ضُعِّف إذا روى عنه أهل إقليم دون إقليم: كزهير بن محمد التميمي.
* من ضُعِّف في حديثه عن المجهولين، مع أن نكارة حديثه قد تكون جاءت من قِبَلِهم، لا منه.
* من ضُعِّف أو وُثِّق في شيوخ مُعَيَّنين: كسفيان بن حسين وجعفر بن بُرْقان في الزهري. ويكثر بيان ذلك عند كلام النقاد عن طبقات الرواة عن أئمة الرواية: كطبقات الرواة