من خلال طرائق معرفة العدالة نفسِها (الاستفاضة، والتنصيص، والتوثيق الضِّمني). وذلك لأن أحكام أئمة الجرح والتعديل جاءت لبيان ما إذا كان الرواة مُحْتجًّا بما رَوَوْه أو غير محتجٍّ به، وذلك لا يحصل إلا بالحكم عليهم من خلال عدالتهم وضبطهم جميعًا؛ ولهذا جاءت أحكام أئمة الجرح والتعديل متناولةً الرواة من هاتين الجهتين جميعًا: العدالة، والضبط.
أما طريقة السَّبر التي سار عليها المتقدمون فلا يمكن للمتأخرين الاعتماد عليها لمعرفة ضبط الرواة استقلالًا (أي دون أن يكونوا مسبوقين بنحو حكمهم من إمامٍ متقدّم)، إلا في حالتين خاصّتين بمن لم نَجِد فيه جرحًا أو تعديلًا (كالمجهولين وشبه المجهولين):
الحالة الأولى: أن نَجِدَ لهذا الراوي المجهول حديثًا ظاهرَ النكارةِ أو واضحَ البطلان، فأحكمُ على الراوي بالذي يليق بمقدار تلك النكارة من الضعف أو شدة الضعف أو الاتّهام بالكذب. وذلك بشرط أن يكون الإسناد الذي فيه ذلك المجهول والذي فيه تلك النكارة مقبولَ الرُّواة نظيفًا؛ إلا من ذلك المجهول. وهذه الطريقة سار عليها الذهبي في (الميزان)، فيمن استقل بتضعيفهم، والحافظ ابن حجر في (اللسان)، والعبد الفقير في (ذيل اللسان).