للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

برأيي. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره أي صدر معاذ رضى الله عنه وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله ". ومن هذا الحديث الجليل الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجة رحمهم الله أجمعين. ومنه استخرج علماء الشريعة رحمهم الله تعالى من سلف هذه الأمة القاعدة الآتية " لا يحل لمؤمن القدوم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه ".

وهذه القاعدة تحث المؤمنين على طلب العلم؛ إذ لو أخذ بها المسلمون لما بقى فيهم ولا بنهم جاهل بحكم الله ورسوله في كل قضايا الحياة. ولكن للكتاب والسنة شأن عظيم بينهم لقوله تعالى: {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُول} . لا قولا ولا عملا ولا رأيا ولا فهما أو ذوقا كما يقولون حتى يعرض ما أراده على الكتاب والسنة فإن وجد طلبه فذاك وإلا سائل أهل العلم حتى يعلم الحكم بالمنع أو الجواز. فيصبح على بينة من أمره وكيف والله تعالى يقول: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ١، فالمؤمن من كان عالما عمل بما علم وإلا سأل أهل العلم حتى يعلم فيعمل بما علم. والعالم إذا سئل يجب أن يعلم السائل ما سأل عنه، وبهذا لا يبقى بين المؤمنين جاهل ولا جاهلة. إلا أن يوجد المرء في بلد لا عالم فيه فحينئذ يجب أن يسافر إلى بلد فيه العالم حتى يسأل ولو كان في أقصى الشرق أو الغرب. أو يهاجر من بلد لا عالم فيه؛ إذ لا يمكنه أن يعبد الله تعالى بلا علم. ولو عرف المسلمون هذه الحقيقة لما أصبحوا جهلاء ضلالا إلا من رحم الله تعالى منهم. ألا فاذكر هذا أيها القارئ أو المستمع.

وقوله تعالى في ختام هذا النداء {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أمر بتقوى الله عز وجل وهى الخوف منه الحامل للعبد على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن جملة ما تدل عليه هذه الجملة {وَاتَّقُوا اللَّهَ} الالتزام بمبدأ: {آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} وقوله: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي سميع لأقوالهم عليم بأفعالكم ألا فاتقوه حق تقاته. بأن لا تخرجوا عن طاعته في المنشط والمكره، واليسر في حدود الطاقة البشرية إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.


١ سورة النمل ٤٣، سورة الأنبياء:٧

<<  <   >  >>