أسباب تخلفها وضعفها، ويزجون بها فيما رسمته عصابتهم من قبل وما قدَّرته من طرق ومسالك.
كتبت هذه الصفحات حين كتبتها لكي أفضح هذا النفر من المفسدين وأنبه إلى ما انكشف لي من أهدافهم وأساليبهم التي خُدعت بها أنا نفسي حيناً من الزمان مع المخدوعين، أسأل الله أن يغفر لي فيه ما سبق به اللسان والقلم. وإن مد الله في عمري رجوت أن أصلح بعض ما أفسدت مما أصبح الآن في أيدي القراء. وأكثره في بحث حصلت به على درجة (دكتور في الآداب) من جامعة القاهرة (فؤاد الأول وقتذاك)، ثم نشرته تحت اسم "الهجاء والهجاءون"(*).
وقد كان مصابي هذا في نفسي وفي تفكيري مما جعلني أقوى الناس إحساساً بالكارثة التي يتردى فيها ضحايا هؤلاء المفسدين، وأشدهم رغبة في إنقاذهم منها، بالكشف عما خفي من أساليب الهدَّامين وشراكهم.
ومن الواضح أن هذه الصفحات لا تستقصي نشاط الهدامين ولا تستوعب كل ميادينهم ولا تحصيها عدداً، ولكنها تقدم نماذج منها تكشف عن أساليبهم في الدس والتزييف والهدم والتخريب، وهي أساليب لا يقتصر شرها على بلد دون بلد، فهي تعم بلاد العرب، بل بلاد المسلمين، بل الشرق كله، يسقونه السم على حين نهضته حتى لا تصح له نهضة، وليقودوه إلى الهاوية التي يوشك الغرب كله - شرقيه وغربيه - أن يتردى فيها. وسيعلم القارئ من بعد أن اصبع الصهيونية العالمية الهدامة التي تطمع في أن ترث الأرض وتستعبد كل من عليها لليهود من وراء هذه الدعايات والدعوات.
لذلك لم يكن من قصدي في هذه الصفحات أن أقنع الذين أنبه إلى خطورتهم، فأكثر هؤلاء دعاة وليسوا طلاب حق، لا يخرجهم من ضلالهم إلَّا أن يرزقهم الله الهداية، ويشرح صدورهم للِإيمان، ولا حرج عن فضل الله ولا يأس من رحمته. ولكن أكثر قصدي في هذه الكلمات كان إلى الشباب
(*) أصلحت أخطاء الكتاب بقدر ما وسعته الطاقة في الطبعات التي ظهرت في بيروت منذ ١٩٦٩ م.