بوظيفة تعليم الدين لأن مناهجه لا تحقق للدارسين فيه (عمق الثقافة وحرية الفكر)، وثانيهما هو الصبغة المصرية التي تبرز في الإِشارة إلى مهمة مصر القيادية في حل مشكلات الحياة المعاصرة ومسايرة التطور الاجتماعي - وهو تطور غربي بالبداهة - كما تبرز في إمداد الدارس بما يقوِّي فيه الاعتزاز بفقهاء الإِسلام وعلمائه من المصريين بخاصة، مما يوجد لوناً من الشعوبية الإِسلامية يشبه الشعوبية السياسية.
والصلة واضحة بين هذا المشروع وبين مشروع طه حسين من ناحية، وبينه وبين ما أُلقي في مؤتمر الثقافة الإِسلامية السالف ذكره من ناحية أُخرى. فهو قريب الصلة بما جاء - في كلام الإِسماعيلي الهندي المتجَلْنِز آصف علي فيظي عن الإِسلام الهندي الحديث المتأثر بالمذاهب الغربية، والذي أنشئت جامعة عليكرة "الكلية المحمدية الإِنجليزية" لنشره وترويجه (ص ٨١ - ٨٢ من كتاب "الثقافة الإِسلامية والحياة المعاصرة" نشر فرنكلين ١٩٥٦)، كما يذكِّرنا بما زعمه من أن التصور الأساسي (لا تمكن الحافظة عليه سليمًا إلَّا بإِعادة تفسيره وإعادة تقريره في كل عصر وفي كل مرحلة من المدنية)، وبدعوته إلى الاستفادة من الدراسات الحديثة في علم النفس ومن الفكر الأوروبي والفكر البروتستنتي والتفكير المدرسي المسيحي والتفكير اليهودي (ص ٤١١)(*). ولعل له صلة مع ذلك كله بمقررات "اللجنة الدائمة للتعاون الإِسلامي المسيحي" التي شارك صاحب الاقتراح في اجتماعيها في بحمدون سنة ١٩٥٤ وفي الاسكندرية سنة ١٩٥٥. أما ما جاء في المشروع عما سمّاه صاحبه "سيكولوجية الدين" فهو شديد الشبه بكلام القسيس الأمريكي ميلر بروز في دعاواه الهدَّامة التي طالب فيها بوضع (تجربة الدين) و (تجربة النبوة) والمعجزات والصلاة والحياة الآخرة موضع البحث وإخضاعها لقواعد علم النفس الحديث ص ٤٣ - ٤٩). وهو من ناحية أُخرى استجابة لدعوة القسيس الأمريكي الآخر هارولد سميث الذي قال "إن وجهتي في هذا القال هي أن أستعرض بعض الاتجاهات الحديثة، وأن أقترح طرقاً لدراسة النظرية
(*) راجع المقال المكتوب عن "الثقافة الإِسلامية والحياة المعاصرة" في الطبعة الثالثة من كتابنا (الإِسلام والحضارة الغربية).