للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيه الاعتزاز بفقهاء الإِسلام وعلمائه من المصريين بخاصة، مما يوجد لوناً من الشعوبية الإِسلامية يشبه الشعوبية السياسية.

ومن صنيع الله للإِسلام أن هذا الاقتراح لم يجد طريقه إلى النجاح أيضاً. ولكن هذا. الاقتراح واقتراح طه حسين السابق يصوران اتجاه الفكر الجامعي في الدراسات الإِسلامية. فالأصل الذي تجري عليه الدراسات الجامعية على وجه العموم في بلاد المسلمين الآن - لسوء الحظ - أنها غير ملتزمة إسلامياً إذا لم نقل إنها لِبْرالية علمانية.

لذلك يجب أن تُتْرك هذه الدراسات حيث هي محوطة بالضمانات التي تحفظها من الانحراف. ومهما تَبْدُ هذه الدراسات الآن سليمة في الجامعة، فليس هناك ما يضمن سلامتها وعدم انحرافها فيما يطرأ من تطورات وتطويرات. ولست أنكر أن بعض الذين يفكرون في إنشاء شعبة أو قسم للدراسات الإِسلامية في كليات الآداب يَصدُرون عن غيرة دينية محمودة، ولكنهم لا يتنبهون إلى بعض الآثار الخطيرة التي تترتب على المشروع.

فدراسة العلوم الإِسلامية تقوم على أوليات لا بد من تحصيلها: حفظِ القرآن وإتقان تفسيره وكلِّ ما يتعلق به من أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والعام والخاص، ودراسةِ الفقه في أقسامه المختلفة وأبوابه المتعددة ومسائله المتشعبة، في العقائد والعبادات والمعاملات. وبدون تحصيل هذه الأسس الأولية لا يمكن أن نبني دراسات إسلامية صحيحة. فالدراسات الإِسلامية التي تُبنىَ على غير هذه الأسس ستكون حتمًا دراسة متحررة, لأن صاحبها - وهو يزعم أنه متخصص في الدراسات الإِسلامية - سيفتي بعقله الحر من عند نفسه إذا استُفتي في شأن من الشؤون الإِسلامية التي لم يسبق له دراستها، أو التي درسها دراسة منحرفة أو ناقصة غير سوية.

فإذا جازفنا بإنشاء مثل هذه الدراسة، وألحقناها بكلية الآداب، أو بمعهد من المعاهد في إحدى الجامعات المنشأة على النمط الغربي، فيجب أن لا يغيب عن بالنا الملاحظات الآتية:

<<  <   >  >>