فقد كان يدعو إلى إنشاء معهد للدراسات الإِسلامية يلحق بكلية الآداب. ومهمة هذا المعهد كما يصورها طه حسين هي العناية بالدراسة الإِسلامية (على نحو علمي صحيح). والمسوِّغ لإِنشائه عنده هو أن (كلية الآداب متصلة بالحياة العملية الأوربية. وهي تعرف جهود المستشرقين في الدراسات الإِسلامية. ومن الحق عليها أن تأخذ بنصيبها في هذه الدراسات لتلائم بين جهود مصر التي ترى لنفسها زعامة البلاد الإِسلامية، وبين جهود الأمم الأوربية - الفقرة ٤٩ ص ٣٤ من طبعة المعارف سنة ١٩٤٤ م).
ومضى على هذين الشروعين الفاشلين زمن طويل. ثم دارت الأيام دورتها وظهر المشروعان من جديد حين تقدم أحد أساتذة جامعة الاسكندرية باقتراح إنشاء شعبة (للدراسات العربية الحديثة) وبإنشاء (قسم أو شعبة للدراسات الإِسلامية في كل كلية للآداب بالجامعات المصرية). وقد صدر بالاقتراح الأول مرسوم جمهوري سنة ١٩٥٥ ولكنه ظل حبراً على ورق لم يأخذ طريقه للتنفيذ إلى أن أعان الله على إلغائه. أما الاقتراح الثاني الذي تقدم به صاحبه سنة (١٩٥٧) فقد بناه على أن الركن الأكبر من نجاح التربية الدينية (هو المعلم الذي ينبغي أن يعاد النظر في تكوينه وإعداده وأن يُرسَم لذلك منهج جديد يحقق له عمق الثقافة وحرية الفكر). وبناه كذلك على أن (قيام مصر بنصيبها في تقدم الإِنسانية وفي حل مشكلات الحياة المعاصرة يتطلب من المصريين تعمقاً في دراسة دينهم، وتَبَيُّنِ موقفه من مختلف المذاهب والاتجاهات التي يجيء بها التطور الاجتماعي والفكري). واقترح فيما اقترحه من الدراسات في هذا القسم دراسة (سيكولوجية الدين) و (التاريخ المديني والفكري للبشرية قبل الإِسلام) وإما كان لمصر وعلمائها بين الأمم الإِسلامية من آثار علمية خالدة) و (النظم الدينية والأخلاقية المقارنة).
فالدراسة المقترحة تقوم على أساسين: أولهما إستبعاد الأزهر أو المعاهد الدينية من القيام بوظيفة تعليم الدين, لأن مناهجه لا تحقق للدارسين فيه (عمق الثقافة وحرية الفكر). وثانيهما هو الصبغة المصرية التي تبرز في الإِشارة إلى مهمة مصر القيادية في حل مشكلات الحياة المعاصرة ومسايرة التطور الاجتماعي، وهو تطور غربي بالبداهة. كما تَبْرُزُ في إمداد الدارس بما يقوِّي