للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الجاهلي حيث يقول "يجب حين نستقبل البحث عن الأدب العربي وتاريخه أن ننسى قوميتنا وكل مشخصاتها، وأن ننسى ديننا وكل ما يتصل به". إن كل ما ئكتب عن إسلامنا وعروبتنا ينبغي أن يكون وسيلة لتعميق صفتنا الإِسلامية، ولا خير فيه إن لم يؤد إلى هذه النتيجة.

والدراسات الإِسلامية بهذا المعنى موجودة في كلية الآداب، وينبغي أن يستكمل ما فيها من النقص حيثما كان. ولكن ينبغي أن لا نخلط بينها وبين "العلوم الإِسلامية". فالعلوم الإِسلامية هي علوم التفسير والحديث والفقه وما يتصل بها من دراسات مكمِّلة لها ومُعينة عليها. وهذه العلوم لها مكانها الطبيعي في المعاهد الإِسلامية المخصصة لهذه الدراسات، تحيطها ضمانات تصونها من الانحراف وتمنع الانحراف أن يتسرب إليها إن شاء الله.

ولكن الخلط بين (الدراسات الإِسلامية) و (العلوم الإِسلامية) قد وقع في أذهان الناس منذ أخذ الاستعباد الإِمبريالي المسمَّى بالاستعمار يخطط لاستبعاد (الأزهر) والمتخرجين فيه من مجالات العمل والأنشطة العامة للدولة، لكي يحصرهم في المساجد، بعد أن فشل في تطوير العلوم الشرعية فيه. وكان من بين وسائله للوصول إلى هذا الهدف إنشاء مدرسة (دار العلوم) ومدرسة (القضاء الشرعي) لتقوم فيهما دراسات إسلامية متطورة تساير الحضارة الغربية، وتستأثر بوظائف التدريس والقضاء التي كانت من نصيب التخرجين في الأزهر. وعاشت (دار العلوم) وماتت (مدرسة القضاء الشرعي) بعد أن استنفذت أغراضها بدخول التطوير إلى برامج الدراسة في الأزهر نفسه.

ثم كانت الخطوة التالية حين دعا طه حسين في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" سنة (١٩٣٦) إلى إنشاء لونين من الدراسة في كلية الآداب، وسعى عند المسئولين في وضع اقتراحه موضع التنفيذ فلم يحالفه النجاح في أيهما. أما أحد المشروعين، فهو يدعو إلى إنشاء معهد للأصوات لدراسة اللهجات قديمها وحديثها. وقد عارض وكيل وزارة المالية الذي كان ممثلاً للدولة في مجلس الجامعة وقتذاك في منحه ما يحتاج إليه من مال, لأنه لم يستطع - على رواية المؤلف - أن يفهم قيمة هذا المعهد وحاجة المتعلمين إليه. أما المشروع الآخر،

<<  <   >  >>