مأجوراً عند الله والناس، يضطر في آخر المطاف أن يعمل لعدوه مستعبداً بدون أجر.
الأمر واضح بيِّن، فإذا لم يكن الضرر محققاً في نظر أصحاب هذه الدعوات، فليكن "ضرراً محتملاً" ولنغلق بابه سداً للذرائع.
هذا عن القضية الأولى، أما القضية الأخرى المتعلقة بإنشاء قسم متخصص في "الدراسات الإِسلامية" بجامعة الرياض، فوجه الضرر والخطر فيها أدق وأخفى.
"الدراسات الإِسلامية" تسمية أوروبية، فهي ترجمة حرفية للأقسام التي أنشأتها الجامعات الأوربية لتضم دراسات تتعلق بالمسلمين في تاريخهم وآدابهم ومجتمعاتهم، بكل ما تتسع له هذه الكلمة من معاني الدين والعلوم والفنون والعادات والتقاليد والبيئة. هذه الدراسات التي يطلقون عليها (Islamic Studies) يُقصد بها خدمة المصالح الاستعمارية في تعاملها مع البلاد الإِسلامية والمساعدة على التخطيط لها. أما نحن فغرضنا من هذه الدراسات مختلف تماماً. هذه الدراسات عندنا لها طابع إسلامي وقومي، إنها تتصل بتراثنا الذي هو جزء من شخصيتنا، بل هو قِوام هذه الشخصية. ولذلك فهي لا تكوِّن تخصصاً مستقلاً، ولكنها موزعة في أقسام الدراسات المختلفة من عربية وجغرافية وتاريخية وفلسفية واجتماعية، بل رياضية وكيميائية وهندسية وطبية، لأننا لا نتصور في بلدٍ مسلمٍ عربي أن تقوم دراسة من هذه الدراسات في قسم من الأقسام دون أن يكونَ للجانب الإِسلامي وتاريخه منها نصيب واف. والمهم في هذه الدراسات أن لا ينسى القائمون عليها أنهم مسلمون وأنهم عرب، فلا تجري - كما يحدث في كثير من الأحيان - على الأنماط الغربية التي تمثلها بحوث المستشرقين. فيجب أن يكون هناك فرق واضح بين ما يكتبه المسلم والعربي حين يتكلم عن التراث الإِسلامي، وبين ما يكتبه غير المسلم وغير العربي حين يكتب عنه. و"الموضوعية" التي يُكثر الجامعيون من الكلام عنها ليست إلا حيلة خبيثة لسلخنا من إسلامنا وعروبتنا باسم العلم. تلك هي الموضوعية التي تصوِّرها كلمة طه حسين المشهورة في كتابه عن الشعر