المؤسسات الأجنبية المريبة؟ إن هذه المؤسسات تريد إفساد المرأة الريفية وفرنجتها. إنها تقوم باستئصال (حياء) المرأة الريفية المسلمة في النهار المبصر، وعلى مسمع من كل ذي أذنين. هل تريد دليلاً على ذلك؟ إذن فاقرأ بحث الدكتور هارولد ألن مدير التربية بمؤسسة الشرق الأوسط الذي ألقاه في مؤتمر أمريكي آخر تحدثت عنه من قبل وهو مؤتمر (الثقافة الإِسلامية والحياة المعاصرة (١)، وقد تولت نشره مؤسسة فرانكلين الأمريكية. راجع في هذا الكتاب مقال الدكتور ألن عن (العامل الريفي في الحضارة الإِسلامية - ص ٢٦١ إلى ٢٨٨). وسوف تتبين بعد قراءته أن الأساليب التي وصفها هذا الامريكي مما اتُّبع في سوريا هي الأساليب نفسها التي وصفها الدكتور حامد عمار مما أتُّبع في مصر. وهذا الأسلوب الواحد الذي يذكرنا بأساليب الجواسيس والمبشرين يؤكد ما أسلفته من أن هذه الشخوص التي تبدو للناظر وكأنها تتحرك بإِرادتها لا تتحرك إلا حسب خطة واحدة قدرها الذين فضلوا أن يجذبوا الخيوط من خلف ستار. ولنقف قليلاً عند صفحتي ٢٦٧، ٢٦٨ من هذا المقال، حيث يقدم الكاتب صورة من بعوث أمريكا - أو البعوث الدولية إن شئت - التي تتغلغل إلى صميم البيئات الإِسلامية في الريف باسم الخدمات الاقتصادية والخدمات الفنية، أو الخدمات الاجتماعية، وسوف تدرك بسهولة أن الهدف الكبير لهذه المؤسسات - إلى جانب ما تنتفع به من معلومات تفيد الجاسوسية السياسية والحربية هو (أمركة الريف)، والاهتمام فيه بالمرأة خاصة وبتوجيه الحركة النسوية. سترى في هذا المقال أن هذه المؤسسة تختار موظفيها الذين يتعاملون مباشرة مع القرويين من الوطنيين ليكونوا أقرب إلى قلوب الناس. وسيروي لك الكاتب ما حدث في (قبر الست) وهي إحدى قرى سوريا. ذهب مبعوث المؤسسة الدولية - أو الأمريكية إن شئت - وهو شاب عربي أسمه "فؤاد فرج" إلى القرية ليعيش فيها، واستطاع أن يقيم في حجرة من الحجرات المخصصة لِإقامة زوار ضريح الست (والمقصود بها هي السيدة زينب رضي الله عنها حفيدة النبي صلى الله عليه وسلم)، وأخذ يتلمس طريقه لممارسة نشاطه بعد أن وثق به أهل المنطقة واطمأنوا إليه،
(١) انظر في هذا المؤتمر الطبعة الثالثة من كتابنا "الإِسلام والحضارة الغربية".