وأخَّر .. وقرأ آخر "لأجلسنّ لهم" بدلاً من "لأقعدَنّ لهم". وتروي عن سيبويه أنه قال: ربما قرأ الجفاة من الأعراب في سورة الإِخلاص "ولم يكن أحدٌ كفؤا". وكذلك "ما هذا بشرٌ" بدلاً من "ما هذا بشراً" في سورة يوسف. ثم تعتبر هذه الأخطاء قراءات قرآنية يرجع السبب فيها إلى (إحساس أولئك الأعراب بأن اللغة لغتهم، وبأن هذا النص جاء بتلك اللغة التي يتكلمونها. فعاملوه كأي نص لغوي آخر يسمحون لأنفسهم فيه ببعض التصرف ما دام المعنى لن يتغير والبناء لن يفسد - ص ١٨).
وفساد هذا الاستنتاج مبنيٌّ على فساد فهم النصوص. فالقراءات المروية مجهَّلة غير منسوبة لقائل، وهو ما يسمى في مصطلح الحديث بالتدليس. فهي مروية عن (أعرابي) أو عن (آخر) أو عن (الجفاة من الأعراب). والرواية الأخيرة مضعفة بقول الراوي (وربما). هذا إلى أن نسبة هذه الروايات للأعراب يدل على أن المقصود هو تصوير جهلهم وجفائهم. وقد كان الأعراب في كتب الأدب والفقه على السواء رمزاً لجفاء الطبع والإِغراق في الجهل. كالذي يحدث الآن حين نروي بعض النوادر والطرائف وننسبها لأهل الريف أو الصعيد. والأعراب موصوفون بذلك في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ:
وبعد، فهذه نماذج مما جاء في بحث الطالبة. وهي مؤذية ومفسدة للعلم وللدين، وللجامعة وللمجتمع. والبحث مطبوع على آلة (الجستتنر). وهو بذلك يعتبر منشوراً ومتداولًا. وقد توافرت فيه شروط العلنية ولم يعد محصوراً بين جدران الجامعة بعد مناقشته مناقشة علنية. ولا بد للجامعة من أن