ولا يعنيني هنا أن أردّ على كل ما جاء في هذه السلسلة، فأكثره سباب أو دعاية أو تهويل. ولكني أكتفي هنا ببيان خطورة ما ذهبت إليه الطالبة من نفي التوقيف في النص القرآني وفي الأداء القرآني، وهو ما حاولت بعضُ الآراء المنشورة أن تهوّن من شأنه.
ما هو التوقيف أولاً؟ ... التوقيف هو الاعتماد على الاتصال الشخصي وعلى السماع في حفظ القرآن وتجويده، ذلك بسماع الطالب من شيخه، ثم حفظه اعتماداً على هذا السماع وترديده على الشيخ، ثم إقرار الشيخ لما حفظه وإجازته بقراءته. فالطالب يسمع من شيخه أولاً، فإِذا حفظ سمع الشيخ منه، وذلك كله اعتماداً على المصاحف المدوَّنة، التي ظك حتى الآن بالرسم العثماني الذي كُتبت به في خلافة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه. وهو رسم يختلف في صورته الكتابية أحياناً عن القواعد العصرية للإِملاء، ولكن المسلمين تمسكوا به سدَّاً للذرائع، وقطعاً لكل سبيل يمكن أن يتسلل منها مفسد يشكك في سلامة النص القرآني من كل تحريف.
وقد كان هذا التوقيف هو نفسه الوسيلة لانتقال النص القرآني بوحي من الله عَزَّ وَجَلَّ إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فكان سيدنا جبريل عليه السلام يقرأ القرآن على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحفظه الرسول بأمر الله ووعده له في قوله: