وبعد أن وَضَحَتْ خطورة القول بنفي التوقيف، يصبح الكلامُ فيما عدا ذلك لغواً. فلا محل للكلام في التقاليد الجامعية, لأن الحرص على الدين أوْلىَ أن يُراعى ويحُافظ عليه، ما دامت الدولة تعتبره مقوماً من مقوماتها، وما دامت الدولة تحرص على أن لا تمكِّن للذين ينشرون الإِلحاد.
على أن الذين تكلموا في هذه الناحية جعلوا لمجلس الكلية حق الرقابة العامة. ومخالفةُ البحث لنظم الدّولة العامة يدخل في هذه الرقابة العامة بغير شك. ومناقضة ما دار في المناقشة العلنية لنتيجتها يدخل في هذه الرقابة كذلك. ويكفي في هذه المناقضة أن يُعلن عضو اللجنة، الذي تولى من بعد إصلاح الرسالة، ردَّ الطالبة عن النظر في الموضوع لجلهلها به، ثم يشترك بعد ذلك في الإِجماع الذي تقرر فيه منحها درجة الماجستير بمرتبة "جيد جداً".
ولا محل للنقل عن فلان وفلان من القدماء أو المحدثين. فالكتب - قديمها وحديثها - مملوءة بنقول فاسدة، يشير القدماء إلى فسادها حيناً، ويعتمدون على معرفة القارئ بوجوه نقلها وطرق روايتها حيناً آخر. ومن المعروف أن أعداء الدين والمفسدين فيه يعتمدون فيما يذيعونه من شبهاتهم على هذه النصوص، يأخذون منها ما يؤيد دعواهم بعد أن يبتروه من سياقه، ويتجاهلون ما يبطل هذه الدعاوي وينقضها. والاستشهادُ بالنصوص الشرعية والاستنباط منها أمر دقيق ليس بالهين. وهو يخضع لقواعد فقهية وأصولية كثيرة لا محل لبسطها هنا. وللجامعة - إن شاءت - أن تحيل الأمر إلى مشيخة الأزَهر، لتضعه بين أيدي المتخصصين، وليتبين للناس وجهُ الحق في الأمر كله. أما أن يُعتمَد في ذلك على أفرادٍ بأعيانهم، يكفي أن يقال فيهم إن اختيارهم مبني على اعتبار معين، هو الدفاع عن الطالبة، ولا يدري أحد كيف صُوِّر الأمر لهم وقد سمعوه من طرف واحد، فأمر غير جائز, لأن الحيدة تنقصه. فصحيفة (المصور) لم تنشر رأياً واحداً في غير مصلحة الطالبة. وبعض الذين نشرت آراؤهم تربطهم بالمشرف على البحث أو الذين اشتركوا في مناقشته وفي إعداده صلاتٌ تميل بهم إلى محاولة إنقاذهم من ورطتهم، ومدِّ يد