العون لهم في محنتهم. وبعضهم من السذج الذين غُرِّر بهم وصُوِّر لهم الأمر على أنه اتهام بالزيغ والإِلحاد يراد توريط الطالبة فيه، فتكلموا بدائع من العطف عليها، يعترفون بخطئها وجهلها, ولكنهم يهونون من صنيعها ويعتذرون بحسن نيتها .. وبعضهم من المفتونين بالتقاليد الجامعية وبحرية الرأي - كما يفهمها اللبراليون من الغربيين Liberals - لا يرون بعدهما قداسةً لشيء. وهؤلاء لا أقول لهم إلا كلمات:
إن الزمن قد تغير، ولم يعد لهذه الكلمات التي ظل الناس حيناً من الدهر يخرِّبون باسمها مكانٌ في مجتمعنا الراهن. فمجتمعنا الراهن مجتمع ملتزم، لا يُسمح فيه للهيئات ولا للأفراد بممارسة الحرية خارج عقائد الدولة. والدولة مسلمة متدينة. وإذا كانت فرنسا - وهي دولة لا دينية من الناحية الرسمية - قد أعدمت شريطاً سينمائياً لشبهة المساس بكرامة الرهبان ورجال الأديرة، فكيف يطلب من إحدى جامعاتنا - ونحن دولة مسلمة متدينة - أن تجيز رسالة تفتح باباً واسعاً للفتنة، وللتشكيك في صحة النص القرآني وسلامته من كل تحريف؟
ويكفي لتصوير فساد الأسس التي يقوم عليها تفكير هؤلاء أن أنقل بعض ما جاء في كلمة الدكتور محمود محمود مصطفى أستاذ القانون الجنائي بحقوق القاهرة والعميد السابق لها (المصوَّر عدد ٢١٧٥). يقول الأستاذ الدكتور محمود مصطفى في ختام كلمته:
(وخلاصة الرأي أنه لا شبهة في أن مجلس الكلية لا يستطيع رفض قرار لجنة التحكيم، بحجة أن الرسالة قد تضمنت عبارات غير مناسبة، ولو كانت مخالفة للنظام العام).
فلتسمح الدولة إذن في الرسائل الجامعية، باسم حرية البحث العلمي، وباسم المحافظة على التقاليد الجامعية المقدسة، كلاماً لا أول له ولا آخر، في تفضيل النظام الملكي على النظام الجمهوري. وفي بيان سلامة النظام الرأسمالي وفساد النظام الاشتراكي، وفي غير هذا وذاك مما يخالف النظام العام.