الحديثة في ميادين الأدب وكتب العقائد وطقوس العبادة وموروث التقاليد والعادات في شتى نواحي الحياة، كما دعوا إلى إنشاء أدب خاص وفن مستقل في التصوير والنحت والموسيقى، يتميز بطابعه المصري المحلّي. وقد وصف أحدُ دعاة هذا المذهب وقتذاك الأدب الذي يعنيه بأنه (مستقل عن آداب الشعوب الشرقية الأخرى الناطقة بالضاد) لأن (اللغة العربية ليست لغة شعب فحسب، بل هي لغة شعوب وأمم عدة تنطق وتكتب بها. فنحن في حاجة إذن إلى تقريب هذه اللغة إلى أذهاننا لتعبر عن خواطرنا, وليس أدل على ذلك من ضرورة خلق أدب قومي تكون لنا غيرة عليه، ويكون في استقلاله بعيداً عن كل المؤثرات التي تجعله اشتراكياً محضاً).
ولم يكن هؤلاء يخفون أنهم متأثرون بالأوروبيين شرقيهم وغربيهم في دعوتهم هذه، ولم يكونوا يتحفظون في دعوة أنصارهم إلى الاستفادة بكل ما جمعه الأوروبيون وما ألفوه في هذا الباب. وكانوا يجاهرون باتخاذ القدوة من اللغات الأوروبية الحديثة التي نشأت على أنقاض اللغة اللاتينية، حين كانت هي اللغة التي يكتب بها الشعر والنثر والقصة والأدب في أوروبا كلها (ولكن شعور كل شعب بقوميته واعتزازه بوطنيته واعتداده بنفسه، حدا به إلى أن يتحرر من إسار اللغة اللاتينية وإلى أن يكون مستقلاً في آدابه عنها، موحداً جهوده في سبيل تهذيب لغته وطبعها بطابع قومي خاص له روعته وجماله). وفي سبيل تحقيق هذا المثال كان هؤلاء يقولون:(إن واجبنا هو أن نبث في الشعب روح القومية وروح الإِنتاج المحلي) وأن (أول ما نولي وجوهنا، فليكن شطر الأدب الفرعوني قبل كل شيء فهو تراث الآباء والأجداد ... فإِن لم يكن للكاتب ملكة ينميها أو وجدان يستمده من الأدب الفرعوني فليول وجهه شطر الأدب الريفي). وكان دعاتهم لا يملون من تأكيد أن (الأدب المصري الذي نعنيه هو أدب محلي يصور الحياة المصرية والقومية المصرية وحدهما، فلا نعني به أدباً شرقياً، كما أبهم على بعض الكتاب الأفاضل، يتناول حياة الشرق العربي أو البلاد الشقيقة المجاورة).
وكانت هذه الجماعة التي تتخذ (السياسة الأسبوعية) لساناً لها تريد أن تكون (جماعةً تقتصر على الكتّاب الناشئين، تُعنى بتهذيب ملكاتهم وجعلهم