ومن الواضح أن ألاعيب الاستعمار في هذا الباب قد انكشف أمرها ولم تعد تخفى على ذي بصر. فقد تنبهنا إلى ما يراد من تفريق شمل العرب والمسلمين، كما بصّرتنا التجارب الأخيرة بما يمكن أن يعود على ذلك المجموع العربي والإِسلامي من خير نتيجة لتضامنه واتحاده. فكل ما يقصد إلى زيادة هذا الاتحاد قوة فهو صادر عن باعثٍ خيرِّ يستهدف صالح ذلك المجموع. وكل ما قصد إلى توهين هذا الاتحاد وبثّ روح الفرقة والعصبية القبلية والشعوبية الجاهلية بين أفراده فهو لا يخدم إلَّا أهداف العدو ولا يورثنا إلَّا الضعف.
ومن الواضح البينّ أن هذه الدعوات الشعوبية قد أصبحت تخالف دستورنا مخالفة صريحة تُوقِع أصحابها تحت طائلة العقاب. فلم يعد هناك مجال للكلام عن الفرعونية التي تَعتبِر العرب دخلاء بعد أن قررت المادة الأولى من الدستور أن (مصر دولة عربية) وأن (الشعب المصري جزء من الأمة العربية)، ولم يعد هناك مجال للكلام عن (الفولكلور) المصري القديم أو الحديث والدعوة إلى إقامة حياتنا وفنوننا على أساسه، بعد أن نصت المادة الثالثة من الدستور على أن (الإِسلام دين الدولة) تم نصت المادة الخامسة على أن (الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية). فنظام مجتمعنا لا يستمد مقوِّماته إذن من ذلك (الفولكلور) قديمه أو حديثه، ولكنه يستمدها من ديننا الِإسلامي ومن أخلاقنا الإِسلامية ومن وطنيتنا العربية.
ولكن العجب الذي لا يشبهه عجيب أن هذه الدعوة التي قَتَلَ الدستورُ جراثيمها واستأصل سرطانها الفتاك قد أطلت برأسها من جديد تلتمس الحياة في صحيفة "المجلة".
ويكفي أن تراجع العدد الأول من هذه الصحيفة لكي تتبين أن العصبية الشعوبية والفرعونية الجاهلية تسيطر عليها سيطرة كاملة، وأنها تتجاهل تجاهلًا كاملًا أنها في بلد عربي أو إسلامي. فهي تكاد تخلو من المواضيع الِإسلامية أو العربية، وهي مطبوعة بطابع شعوبي انفصالي يتحدى دستور الدولة, لأنه يتحدث عن العرب بوصفهم غزاة دخلاء في بلد تنص