للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المادة الأولى من دستوره على أنه عربي (١)، وهي تقدس الفرعونية إلى حد الغُلوّ الذي يخرج بها إلى الوثنية والكفر والتهكم بقيم الإِسلام وأبطاله وتشويه سيرتهم. فإِذا خرجت "المجلة" عن هذا الطابع الانفصالي الذي هو خليق أن يدعم مزاعم الدعايات الأجنبية التي تريد أن تصور سياسة مصر الحالية سياسةً إمبراطوريةً استعمارية، إذا خرجت "المجلة" عن هذا الطابع لم تتحدث إلَّا عن أدب الغرب وموسيقى الغرب ورقص الغرب وفنون الغرب، ذلك الغرب الذي وصفه أحد كتابها بأنه (العالم المتحضر)، حين تحدث عن الاحتفال ببرنارد شو، فقال في صدر مقاله: "احتفل العالم المتحضر بالعيد المئوي لميلاد برنارد شو"، وكأن من عدا هؤلاء المحتفلين ببرنارد شو - ممن يزعم الكاتب أنهم هم المتمدنون - رعاع وهمج.

يتحدث المقال الأول في هذا العدد عن (قناة السويس بين التأميم والتدويل)، فيزعم أن (تقاطيع رئيس جمهورية مصر الشاب تشبه تقاطيع الشخصيات والرجال الذين خُلّدت صورهم على جدران المعابد والهياكل الفرعونية منذ آلاف السنين). وجمال عبد الناصر - مثله في ذلك مثل ملايين عديدة من المصريين - عربي الأصل من بني مر. فمن أين يجيئه العِرْق الفرعوني؟ وأي فخر في أن يكون جَدّه أحدَ هؤلاء الكفار الجبابرة الذين قطع الإِسلام ما بيننا وبينهم؟

ويمضي الدكتور حسين فوزي كاتب المقال على هذا النمط في سائر مقاله، تقوده نزعة فرعونية غالية، فيتحدث عن (عودة التاريخ الفرعوني فجأة ودبيب الحياة فيه، وتحرك الحضارة المصرية القديمة وسيرها على الأقدام وزحفها في العربات السريعة الرشيقة التي نرى صورها في الكتب ونعجب منها ومن راكبها وفارسها). والحضارة كما هو معلوم دين وتفكير وأسلوب في الحياة، فهل هناك نية للانسلاخ من حضارتنا الإِسلامية والارتداد إلى الوثنية الفرعونية؟ أم ماذا تكون الحضارة الفرعونية؟ وكيف يكون تحركها وزحفها وبعثها؟ ويتحدث


(١) راجع مقال "صراع القومية المصرية من غزو الاسكندر حتى الفتح الإِسلامي" في العدد
الأول من "المجلة" ص ٣٠ - ٤٣،

<<  <   >  >>