أما النتيجة الثانية الخطيرة لشيوع البرود الجنسي وهي انتشار الشذوذ واستفحال دائه فهي راجعة إلا أن الرجل الذي ألف أن يقع نظره على مفاتن المرأة فلا يثور، يحتاج لكي يثور إلى مناظر وأوضاع تخالف ما ألِف. ثم إن إصابته بالبرود تحرمه لذةً من أكبر اللذائذ، ومتعةً من أعظم ما ينطوي عليه الناموس من المتع، وهي متعة تسكن عندها النفس ويطمئن القلب ويستقر الاضطراب. ومصيبته هذه بالبرود الجنسي تحرمه من الإِحساس بذكورته فيعاني أشد الألم مما يحسه في أعماق نفسه من الذلة والمهانة. ويدفعه ذلك إلى أن يحاول تحقيق متعة الاتصال الجنسي وإثباتها من كل الوجوه، عن طريق التقلب بين الخليلات وبائعات الهوى والتماس الشاذ الغريب من الأساليب والأوضاع، رجاء انبعاث ما ركد من ذكورته. وقد تدفعه مع ذلك إلى إغراق نفسه في المخدرات تعويضاً لما فقده من لذة، أو إلى الإِجرام أو المغامرة إثباتاً لذكورته من وجه آخر.
ومثل هذا الشذوذ يشمل المرأة والرجل على السواء, لأن البرود الجنسي الذي يؤدي إليه هذا الاختلاط - بل الذي يسعى إليه دعاة الاختلاط - برود ذو شقين، لا يحقق ما يزعمونه من أهداف إلَّا إذا شمل الذكر والأنثى، فانتفت الرغبة الجنسية الجسدية في الطرفين كليهما عند اللقاء وعند اللعب وعند الممازحة والمراقصة. ويستطيع القارئ أن يتتبع هذه الظاهرة في المجتمع الغربي ليتبين آثارها المدمرة فيه، وهي آثار لا مفر معها من مثل مصير الذين خلوا من البائدين {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}.
وأنا أعلم أن كثيراً من الناس لا يقع منهم الدليل موقع الإِقناع إلَّا إذا نُسِب إلى الغرب. وإلى هؤلاء أسوق بعض ما نقلته صحف لا تتهم عندهم بالرجعية عن علماء الغرب وهيئاته. فمن ذلك ما نقله المصور (العدد ١٦٨٩ ص ٤) عن الأستاذ بيتريم ساروكين مدير مركز الأبحاث بجامعة هارفارد في كتاب له صدر أخيراً بعنوان (الثورة الجنسية)، حيث يقرر أن أمريكا سائرة بسرعة إلى كارثة في الفوضوية الجنسية، كما يقرر أنها متجهة إلى الاتجاه نفسه