جميعاً عن فهم نصوص دينهم، حتى جاء هؤلاء الذين أوحى إليهم شياطين الجن والإِنس في باريس من أمثال قاسم أمين فانتكس تفكيرهم بين معاهدها ومباذلها، حين لم يعتصموا من دين الله بحبل متين، ولم يأووا بهديه إلى ركن شديد، يذود عنهم كل شيطان مريد، وذلك حين بعثوا إلى تلك البلاد لينقلوا إلينا الصالح النافع من علومها وصناعاتها فضلوا الطريق، وعادوا إلينا بغير الوجه الذي بعثوا به. جاء هؤلاء بعد ثلاثة عشر قرناً من نزول القرآن ليخرجوا للناس حقائق التنزيل التي غاب علمها عن الأولين والآخرين من الفقهاء والمفسرين، ويضربوا بإِجماع المسلمين في الأجيال المتعاقبة والقرون المتطاولة عُرْضَ الحائط. أليس ابتداع هذه الدعوة في ظل الاحتلال الإِنجليزي وتَزعُّمُ فريق من المتفرنجين الذين عرفوا بموالاة ذلك الأجنبي المحتل، هو وحده دليلاً كافياً على أنها طارئة علينا من الغرب تقليداً لمذاهب أهله المبتدعين في دينهم بأهوائهم وأهواء رؤسائهم والخارجين على نصرانيتهم وكتابها.؟
ولو تدبر الناس الأمور وعقلوها ولم ينقادوا في ذلك وراء شهواتهم ولم يسلموا زمامهم لما يزوِّره المضللون وأصحاب الأهواء من زخرف القول لأدركوا وجه الحق، ولقادهم المنطق السليم النزيه إلى الالتقاء بشرع الله، واكتشاف ما تنطوي عليه أقوال الذين يتصدون للدفاع عما يزعمونه (حقوق المرأة) من أخطاء.
وأول أخطاء هؤلاء أنهم يجعلون أكبر همهم مصروفاً إلى إثبات أن المرأة تستطيع القيام بأعمال الرجل، وأنها إنسان مثله لا فرق بين عقلها وعقله، ويجهدون أنفسهم في حصر الأمثلة التي تؤيد زعمهم ممن نبغ من النساء في مختلف العصور. وليس هذا هو لب المشكل وصميمه، ولا هو بالمقياس الصحيح في تقدير المسألة، ولكن لب المشكل وصميمه هو: هل يؤثر اشتغال المرأة بأعمال الرجال على إتقانها لعملها النسوي الأصيل؟ ثم، ماذا يحدث لو انصرف كل النساء إلى أعمال الرجال؟ هل يتحتم على الرجال عند ذلك أن يقوموا هم بأعمال النساء؟ وإذا قبلوا ذلك فهل يصلحون له وهل يتقنونه؟
من الواضح أن عمل الأنثى الأول الذي لا يصلح له غيرها هو النسل وحفظ النوع, لأن تركيب الذُّكران العضوي لا يسمح لهم يحمل الجنين ولا