يصرفها عن رعاية الزوج والولد كليهما لا شك في ذلك, لأنها تعود إلى البيت مكدودة مرهقة كالرجل، فأيهما هو الذي يسري عن الآخر؟ وأيهما هو الذي سيتسع صدره لمداعبة البنين واحتمال ما لا بد أن يُحتَمل في تربيتهم من ضجيج مرحهم وأنين أَلمِهم وصراخ أوجاعهم؟ وهل تصبح الحياة عند ذلك إلا عناء وشقاء للمرأة وللرجل كليهما؟ وهل يصبح الفرد - رجلاً كان أو امرأة أو طفلاً - إلا (ترساً) من (تروس) آلة صماء في حياة لا سكن فيها ولا قرار. ويستطيع كل ذي لب وبصيرة أن يدرك آثار الفشل الذي حاق بتجارب المجتع الأوروبي والأمريكي في هذه الناحية. مع أن هذه الآثار لم تبلغ بعد منتهى مداها, ولا تزال سائر عقابيلها في الطريق. فهذا الجيل الغربي من التائهين والضائعين المحطمي الأعصاب المبلبلي الأفكار القلقي النفوس، وهذه النسبة الآخذة في الارتفاع - حسب إحصاء الغربيين أنفسهم - للانحراف والشذوذ بكل ضروبه وألوانه، هذه الظواهر والآثار كلها هي من آثار التجربة التي خاضها الغرب في المرأة, لأن هؤلاء جميعاً هم أبناء العاملات والوظفات الذين عانوا من إرهاق أمهاتهم وهم في بطونهن، ثم تعرضوا لإِهمالهن بعد أن وضعنهم. وماذا يبتغي الناس من تجربة فاشلة كهذه؟ ألا يتدبرون؟!
وللمفسدين والمخدوعين ممن يسمون (أنصار المرأة) حجج ومزاعم أكثرها مبني على المغالطة. وأشهر مغالطاتهم في ذلك ما يزعمونه من أن عكوف المرأة على منزلها فيه تعطيل لنصف المجتمع. وقولهم هذا مبني على أن المرأة ليس لها عمل في المنزل. والواقع أن وظيفتها في تدبير شؤون البيت ورعاية الزوج والولد وقضاء حاجاتهم المتنوعة تستغرق كل وقتها لو أديت على وجهها، بل إن وقتها يضيق بها في بعض الأحيان. والدليل الذي يخرس كل لسان على صدق ما نقول هو أن العاملات يحتجن دائمًا إلى توظيف الخدم من النساء والرجال لسد النقص الناتج عن تخليهن عن وظيفتهن. فأي شيء تكسبه الدولة إذا كانت المرأة تخرج للعمل وتربط مكانها شخصاً أو شخصين تعطلهما عن العمل, أين هو الكسب الاقتصادي المزعوم؟ وهل هذا إلا الخلل عينه؟ تشتغل المرأة خارج البيت بأعمال الرجل، ويسقط من حساب الأيدي العاملة رجل أو رجلان يقومان بأعمالها في المنزل، ويسقط من حساب الدارسين والمشرِّعين جيل مضيَّع لا يقام لضياعه وزن في ميزان الكسب والخسارة؟! ولو