للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسجد على من بين يديه إن أمكنه ذلك فإن لم يمكنه صبر حتى يزول الزحام.

وقال عطاء والزهري بالانتظار حتى يزول الزحام على حسب ما حكيناه عن مالك. وقال الحسن البصري هو بالخيار إن شاء سجد على ظهر إنسان وإن شاء وقف حتى يزول الزحام. واحتجت الشافعية بقول عمر رضي الله عنه: إذا اشتد الزحام فليسجد أحدكم على ظهر أخيه. ولكنه أكثر ما فيه أنه يسجد على موضع عال، (١) فهو يشبه من كان في موضع منهبط فسجد على مرتفع. وأما مالك فإنه يحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ومكن من جبهتك على الأرض (٢). وأما الحسن فإنه يحتج بأنه إذا تابع الإِمام أحل بكمال السجود وحصلت له المتابعة. وإذا آخره أتى بكمال السجود وأخل بالمتابعة. فلما تردد الأمر بين هذين خير بينهما. وقد نوقض بالمريض فإنه لا يخير بين الإيماء الآن والتأخير لحال الصحة ليأتي بالكمال. وللنظر في هذه المناقضة مجال. وإذا ثبت من أصلنا منع السجود على ظهر آخر فإنه متى منع السجود فسجد على ظهر إنسان أعاد عند مالك، وإن ذهب الوقت. وعند أشهب إنما يعيد في الوقت. وعند محمَّد بن عبد الحكم فيمن أدرك الأولى وزوحم عن سجود الثانية فسجد على ظهر أخيه فإنه يعيد السجود وإن سلم الإِمام إذا لم يسلم هو. وإذا قلنا بطريقة أشهب أن الفرض الإيماء فإن الساجد على الظهر يتنزل على هذه الطريقة منزلة من كان فرضه الإيماء فرفعت له وسادة فسجد عليها. وقد تقدم الكلام على ذلك. وقول القاضي أبي محمَّد في هذا الفصل أنه مُدرك للجمعة (٣) بإدراك ركعة من وقتها وقد قدمنا الكلام عليه فيما مضى فلا معنى لإعادته.

قال القاضي أبو محمَّد رحمه الله تفالى: ويكره السفر قبل الزوال من يومها ويحرم بعده.

قال الفقيه الإِمام رضي الله عنه: لهذا الفصل سؤالان: منهما أن يقال:


(١) ولأنه ما فيه أكثر - قل.
(٢) روى الأمام أحمد: وإذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض حتى تجد حجم الأرض.
عن ابن عباس منتخب كنز العمال ج ٣ ص ١٨٨.
(٣) أنه يكون مدركًا للأجر -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>