للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أ- لِمَ كره السفر قبل الزوال؟.

٢ - ولِمَ حرم بعده؟.

فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: اختلف الناس في السفر يوم الجمعة قبل الزوال، فعندنا فيه قولان: الجواز والكراهة. وروى ابن وهب عن مالك: أحبّ إلى ألا يسافر حتى يشهد الجمعة فإن لم يفعل فهو في سعة.

وروى عنه ابن زياد: لا بأس بذلك ما لم تزغ الشمس فإذا زاغت فلا يخرج.

وروى عنه ابن القاسم في العتبية: لا يعجبني أن يسافر يوم الجمعة إلا من عُذر. وقال مالك في المختصر: لا أحب أن يخرج حتى يصليها *فأما إن زاغت فواجب أن لا يخرج حتى يصليها* (١). وقال في مختصر ابن شعبان: من كان له عذر في السفر يوم الجمعة ضُحى فلا بأس. والعذر غير شيء واحد. قال ابن شعبان: وأبصر عمر رضي الله عنه رجلًا عليه أهبة السفر فقال لولا الجمعة لخرجت. قال عمر رضي الله عنه: إن الجمعة لا تحبس (٢) مسافرًا. وأما الشافعي فاختلف قوله في السفر يوم الجمعة قبل الزوال، فقال في الحديث لا يجوز إذا لم يخف فوات الرفقة، وهو قول ابن عمر وعائشة. وبه قال ابن حنبل إلا أنه استثنى سفر الجهاد. وقال الشافعي في القديم بجواز ذلك قبل الزوال على الإطلاق، وهو مذهب عمر والزبير وأبي عبيدة بن الجراح والحسن وابن سيرين وأبي حنيفة. وقد ذكرنا أنه أحد قولي مالك. وقد اعتل أصحاب الشافعي للمنع بأنه قد يجب السعي قبل الزوال في حق بعض الناس إذا كان منزله بعيدًا فلم يجز السفر حينئذ، كما لو زالت الشمس. وقد يتعلق ابن حنبل بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث زيد بن حارثة وجعفر ابن أبي طالب وعبد الله بن رواحة في جيش مؤتة (٣) فتخلف عبد الله بن رواحة فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له ما خلفك؟ فقال: الجمعة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لروحة: أو غدوة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها (٤). وقد


(١) ما بين النجمين = ساقط -و-.
(٢) تمنع -و-.
(٣) في سرية - قل.
(٤) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>