للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالدهماء من العلماء على أنه سنّة وليس بواجب. وذهب الحسن وداود وأهل الظاهر إلى وجوبه. وذكر بعض أصحابنا أن أبي بن كعب ذهب إلى نحو هذا المذهب. وحكى بعضهم (١) عن أبي أنه قال: لو لم أجد يوم الجمعة إلا صاعًا بدينار لاشتريته واغتسلت به. فإن كان بعض أصحابنا أضاف إليه الوجوب من هذا القول ففيه نظر لأنه قد يقوله إشعارًا بتأكد هذه السنّة. وأشار بعض أشياخي إلى أن المذهب اختلف في وجوبه لقول أبي جعفر الأبهري اختلف أصحاب مالك فقال بعضهم: هو سنة مؤكدة لا يجوز تركها إلا لعذر. وقال بعضهم هو مستحب. فاستدل أصحابنا على نفي الوجوب بقوله عليه الصلاة والسلام: من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت. ومن اغتسل فالغسل أفضل (٢). أخرجه النسائي وأبو داود. وهذا يشعر بنفي الوجوب لقوله في المقتصر على الوضوء: من توضأ فيها ونعمت. ولقوله في المغتسل: والغسل أفضل. فوصف الغسل بأنه أفضل ولم يصفه بالوجوب.

قال ثعلب يقال: إن فعلت كذا فيها ونعمت. والعامة تقول ونعمه وتقف بالهاء. وقال بن درَستوَيُه ينبغَي أن يكون ذلك هو الصواب عند ثعلب وأن تكون الهاء خطأ لأن الكوفيين يزعمون أن نِعْم وبئس إسمان. والأسماء تدخل فيها هذه الهاء بدلاً من تاء التأنيث. والبصريون يقولون هما فعلان ماضيان (٣). والأفعال تليها تاء التأنيث ولا تلحقها الهاء. قال الأصمعي في التأنيث ها هنا المراد به فبالسنّة أخذوا. وأراد بقوله ونعمت أي الخلة والفعلة. ثم حذف اختصارًا. وقد قيل إن هذه اللفظة يقال فيها ونعمت بكسر العين وإسكان الميم أي نعّمك الله.

واستدل أصحابنا أيضًا بحديث عثمان لما دخل يوم الجمعة وعمر رضي الله عنه يخطب فقال له عمر ما قال. فقال: ما زدت على أن توضأت. فلم يأمره بالغسل، ولا أحد من الصحابة أمره بذلك. ولو كان واجبًا لأمروه به. فصار هذا كالإجماع. واستدل أصحابنا أيضًا بما خرج في الصحيح من قوله عليه الصلاة


(١) غيره -و-.
(٢) رواه أحمد وأبو داود: الهداية ٣ ص٢٩٠
(٣) ماضيان = ساقطة -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>