للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالنظافة وتطييب الرائحة أجزناه بالماء المطيب ولم نشترط النية فيه. وإن قلنا أنه شَرْع غير معلل اشترطنا النية ولم نجزه بالماء المطيب كما لا نجيز الماء المطيب في طهارة الحدث، وكما نشترط النية فيها. وقد قال بعض المتأخرين من أصحابنا لما لزم تنظيف الجسد الذي أمنت فيه الرائحة صار هذا الحكم تعدى محل موجبه فلحق بالسنن التي يلزم فيها النية. ولا يمتنع أن يكون الفعل ثبت لمعنى ثم يتجاوز ذلك الموضوع فيجب مع فقده ويلحق بالعبادات والسنن كما قلناه في الرَّمَل، فإنه كان لأظهار الجَلدِ ثم ثبت مع عدم المشركين الذين يظهر عليهم الجَلَد. وقد تقدم كلامنا في كتاب الطهارة على حكم نيّة الغسل للجمعة وذكرنا ما يتعلق بأحكام النية هناك من اشتراك أو غيره، وقد قال مالك: من اغتسل للعيد ينوي به الجمعة فلا يجزئه. وإذا قلنا بالمشهور من اشتراط اتصال الغسل بالرواح فإنه إن كان بين الغسل وبين موضع الجمعة مسافة يذهب فيها أثر الغسل ومعناه الذي وُضع له كان عليه إعادة الغسل. وقد قال مالك فيمن أتى الجمعة من ثمانية أميال *رب دابة سريعة السير وأخرى* (١) المشي خير من ركوبها. فيعادة الغسل في مثل هذا أحب إلى وما هو بالبيّن *ونرجو فيه سعة* (٦). وإذا راعينا الاتصال أيضًا فانه إن قطع اتصاله بأن نام أو تغدى أعاده. وإن انتقضت طهارته توضأ وأجزأه غسله. قال ابن القاسم يعيد الغسل للنوم من أراد النوم، وأما من يغلب عليه كنوم المحتبي فلا. وقال مالك أيضًا: إذا اغتسل ثم من بالسوق فاشترى بعض حاجته فلا بأس به إن كان خفيفًا. ولو نسي الغسل حتى أتى المسجد فقال مالك إن علم أنه يغتسل ويدرك الجمعة فليخرج لذلك، والأصلى ولا شيء عليه. قال ابن حبيب: ويستحب الطيب والزينة وحسن الهيئة يوم الجمعة. ويستحب له أن يعد لها ثوبين. ورُوي ذلك في اللباس والطيب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويستحب له أن يتفقد فيها قبل رواحه (٢) فطرة جسده من قص شاربه وأظفاره ونتف الإبط والسواك وإن احتاج إلى الاستحداد فعل. وقد قدمنا فيما حكيناه عن مالك في تقدمة الغسل أنه كره الرواح صلاة


(١) ما بين النجمين ممحو -و-.
(٢) قبل رواحه = ساقطة -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>