للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

احتلم لزمته التكاليف *فلا معنى* (١) لقصر الغسل على الاحتلام خاصة إلا أن يكون أراد أن الإنبات وسن الخمس عشرة إنما يفيد ظنًا بالاحتلام، فتعلق عليه حكم دون حكم.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: أما غسل الجمعة فلا يوقع قبل الفجر خلافًا للأوزاعي في قوله إذا أوقعه قبل الفجر وراح عقبه أجزأه. وهذا غير صحيح لأن الشرع إنما ورد بغسل الجمعة. وما قبل الفجر ليس من يوم الجمعة فلا يصح إيقاع الغسل فيه كما لا يصح إيقاعه يوم الخميس. وأما إيقاعه بعد الفجر فاختلف (٢) المذهب فيه. فقال ابن القاسم في كتاب محمَّد: من اغتسل للجمعة في الفجر لم يُجزه. وقال مالك أيضًا لا يعجبني أن يغتسل للجمعة صلاة الصبح ويقيم بعد صلاة الصبح في المسجد للجمعة، وكره الرواح تلك الساعة. وقال ابن وهب من اغتسل بعد الفجر للجمعة أجزأه أن يروح بذلك وأفضل له أن يكون غسله واصلًا برواحه. فأشار ابن وهب ها هنا إلى أنه ليس من شرط الغسل أن يتصل بالرواح خلافًا للمشهور من المذهب، وإن كان ابن وهب قد صرّح بأن الفضل باتصاله بالرواح، وقد استدل عليه بقوله عليه الصلاة والسلام: إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل (٣). فعلّق الغسل بإرادة إتيان الجمعة. وهذا يمنع من إيقاعه غير متصل بالرواح إليها. وقد أشار بعض المتأخرين إلى سبب هذا الاختلاف ورآه مبنيًا على النظر في تعليل غسل الجمعة. فإن علل بأن القصد به النظافة وتطييب الرائحة لم يشترط اتصاله بالرواح إذا كان معنى النظافة حاصلًا فيه، وإن لم يصله بالرواح. ويكون ما ذهب إليه ابن وهب والشافعي في ترك اشتراط اتصال الرواح هو المطرد على هذا التعليل، لان قلنا أنه غير معلل كان البخاري على هذا اشتراط اتصاله بالرواح على حسب ما اقتضته ظواهر الأحاديث. وعلى هذا البناء بني افتقار غسل الجمعة إلى نية، وجوازه بالماء المطيب كماء القرنفل والورد. وإن عللناه


(١) ما بين النجمين = ساقط -و-.
(٢) فاضطرب - قل.
(٣) تقدم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>