للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محتلم (١). فعمّ من حضر ومن لم يحضر. ودليل الجماعة ما رواه أصحاب الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل (٢).

فعلق الغسل بإتيان الجمعة. *وهذا يخصص حديثهم العام* (٣) وأيضًا فإنه إذا كان أصل الغسل والسبب في أن يشرع ما ذكرناه من التأذي بالروائح عند الاجتماع، كان من لم يحضر الجمعة خارجًا عن هذا المعنى وسقط عنه الخطاب بالغسل. وأما من حضر الجمعة وقد خوطب بالحضور خطابًا تعين عليه فلا شك في كونه مأمورًا بالغسل. وأما إن لم يكن ممن تعين عليه الخطاب فقد قال في المدونة إذًا شهد النساء والصبيان والعبيد فليغتسلوا. وقال في المسافر إذا شهدها فليصلها ولم يقل فليغتسل. وقد أدى هذا بعض الناس إلى أن رأى أن المسافر لا يخاطب بالغسل وأنه في ذلك بخلاف المرأة والعبد لأجل أمره في المدونة العبد والمرأة بالغسل وإضرابه عن أمر المسافر بذلك. ورأى الشيخ أبو محمَّد بن أبي زيد أن إضرابه عن ذكر الغسل في المسافر لا يشير إلى سقوط الغسل عنه. وجمعه في مختصره في الأمر بالغسل مع العبد والمرأة.

ولمالك في المختصر أن المسافر إنما يغتسل إذا أتاها للفضل. فإن شهدها للصلاة أو لغير ذلك فلا غسل عليه. وفي الواضحة من شهدها من مسافر أو عبد أو امرأة رغبة فيها فليغتسل. وإن شهدها المسافر لغير الفضل لكن للصلاة أو لغير ذلك فلا غسل عليه. وأما المرأة والعيد فلا يأتونها في الحواضر إلا للفضل. وذهب ابن حبيب إلى أن المرأة لا تخاطب بالغسل لأنها لا- تخالط الرجال. والدليل لنا عليه قوله عليه الصلاة والسلام: إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل ولم يفرق. وقد قال بعض المتأخرين قوله في الحديث: الغسل واجب على كل محتلم: يقتضي تعلق هذا الحكم بالاحتلام دون الانبات، وسن الخمس عشرة سنّة. وفي هذا نظر لأنه إذا بلغ السنن المقطوع بأنه لا يبلغه إلا من


(١) روى مالك: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم. وأخرجه البخاري؟ مسلم وأبو داود وابن ماجة والنسائي. الهداية ج ٣ ص ١٢٨.
(٢) رواه النسائي ولفظه عن ابن عمر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل.
سنن النسائي ج ٣ ص٩٣.
(٣) هو في -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>