للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعض أصحابنا (١) في ترك السنن. والعبارات في تركها مختلفة وقد قدمنا ما يجمع أسبابها. وقد قال ابن حبيب الغسل للجمعة ستة مرغب فيها لا يؤثم تاركه. وهذا الذي قاله هو الأصل المشهور في ترك السنن. وما سواه طريقة قوم آخرين قد ذكرناها. وقد وقع في الأحاديث الواردة في الغسل ما يحتاج إلى تفسير. وهو ما خرّجه النسائي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: من غسّل واغتسل وبكّر وابتكر ودنا من الإِمام ولم يلغ كان له بكل خطوة عملُ سنة صيامها وقيامها (٢). فقوله غسّل الأكثرون يحملونه على أنه (٣) جامع أهله حتى أوجب عليها الغسل. فصار بذلك مغسّلًا لها ويكون التحضيض على ذلك ليؤمن عليه أن يرى في طريقه ما يحرّك (٤) عليه شهوته. قال ابن حبيب معنى قوله غسّل أي ألمّ بأهله فألزمها (٥) الغسل وهو أفضل، ممن لزمه الغسل للجمعة فقط. وذهب آخرون إلى أن المراد به الوضوء للصلاة لأنه إذا غسل أعضاء الوضوء فكرّر غسلها ثلاث مرات ثم اغتسل بعد ذلك غسل الجمعة صار هذا التكرار يعبر عنه بهذا الفعل فيقال فيه غسّل. وأما قوله بكر فقيل المراد به إتيان الصلاة لأول وقتها وكل من أسرع إلى شيء فقد بكر إليه، ومنه الحديث: لا تزال أمتي على سنتي ما بكروا بصلاة المغرب (٦). وأما قوله وابتكر قيل المراد به إدراك الخطبة من أولها يقال ابتكر الرجل إذا أكل باكورة الفاكهة ويقال ابتكر إذا نكح بكرًا. ويؤكد هذا التأويل ما عطف عليه من الأفعال المقاربة وقد وقع فيما قدمناه من الأحاديث.

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: جمهور العلماء على أن الغسل لا يخاطب به من لا يحضر الجمعة وذهب أبو ثور إلى أنه يخاطب به من لم يحضر ومن حضر لقوله عليه الصلاة والسلام: الغسل يوم الجمعة واجب على كل


(١) بعض أصحابنا = ساقطة -و-.
(٢) رواه الأربحة واللفظ للنسائي. سنن النسائي ج ٣ ص ٩٦.
(٣) على أن المراد جامع أهله - قل.
(٤) يجري - قل.
(٥) فألمها -و-.
(٦) لا تزال أمتي بخير وعلى الفطرة يا لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم. رواه الحاكم وابن ماجة وابن خزيمة. نيل الأوطار ج ١ص ٤٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>