للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيضًا: حق على كل مسلم أن يغسل في كل سبعة أيام رأسه وجسده (١). وهذا نص في الوجوب. ويؤكد هذا أبا هريرة رضي الله عنه روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى (٢) الحديث وقد أجاب أصحابنا وغيرهم عن هذا بأنه محمول على وجوب السنن. وإشعار بتأكيد التحضيض. ويحمل حديث أبي هريرة عليه أو على أنه أراد التشبيه بغسل الجنابة في إيعاب الجسد. وقال بعض المتأخرين يحتمل أن يريد المغتسل للجنابة. وقد قيل أن معنى قوله عليه الصلاة والسلام: من غسل واغتسل:

أوجب على غير. الغسل بالجماع واغتسل هو منه. وقال مالك في هذا ليس كل ما جاء في الحديث يكون كذلك. وهذا الجواب غير كاف. كما أن جواب أصحابنا غير مقبول إلا بأن تعارض الأحاديث بعضها ببعض فيستعمل فيها البناء والتأويل، ويسلك طرق الترجيح في البناء والتأويل، والسند إلى غير ذلك مما يعرفه أهل الأصول فحينئذ يصفو لهم ما قالوه إن أدى العمل المشار إليه إلى ما قالوه. وقد يستدل الموجبون أيضًا بأن الصلاة فرضت لها الطهارة فلما كانت الجمعة أقوى (٣) في الفرض وآكد من غيرها صح أن تختص بزيادة فرض في الطهارة، وقد قدمنا نحن من جهة الاعتبار ما يقابل اعتبارهم هذا أو يربي عليه.

فإذا وضح ما قلناه في هذا. فالذي قدمناه عن شيخنا من إشارته إلى أن المذهب على القولين في الوجوب وتعلقه بما حكاه الأبهري، فيه نظر لأنا قدمنا في كتابنا هذا في غير موضع واحد (٤) منه الكلام على ترك السنن وتعلق الإثم بتركها والتجريح والتأديب. وذكرنا ما قاله أهل الأصول في ذلك وما قاله أصحابنا.

واعتذرنا بالروايات المخالفة (٥) لأصولهم. فمن أحب حقيقة القول فليطالعه حيث أثبتناه ويعلم منه أن مثل هذا الذي حكاه الأبهري قد يجري على طريقة


(١) روى مسلم عن جابر: على كل رجل مسلم في كل سبعة أيام غسل يوم وهو يوم الجمعة.
(٢) رواه مالك والشيخان والأربعة: الهداية ج ٣ ص ٢٩٨
(٣) لقوم - قل.
(٤) واحد = ساقطة -و-.
(٥) المختلفة -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>