والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: العاجز عن حضور الجمعة كالمريض، ومن في معناه كمقعد لا يجد مركوبًا أو أعمى لا يهتدي الطريق ولا يجد قائدًا، لا شك في سقوط الجمعة عنهم. لأن التكليف إنما يتوجه على القادر وهؤلاء غير قادرين. قال مالك ليس على المريض والشيخ الفاني جمعة.
قال ابن حبيب ولا على الأعمى إلا أن يكون له قائد. وقاله مالك في مختصر ابن شعبان في الأعمى إذا لم يكن له قائد. وأما العذر الذي يمكن معه الحضور ولكن عن مشقة وركوب ضرورة، فهذا مما تكثر فروعه ويتسع تنويعه. وفي بعض فروعه اضطراب راجع إلى الموازنة بين تأكد وجوب الجمعة وبين مقدار العذر والضرورة. فمن ذلك الاختلاف في المطر الشديد، هل يكون عذرًا يحيى التأخر عن الجمعة؟ (١) وقد قيل لمالك هل يتخلف عنها في اليوم المطر؟ قال ما سمعت قبل في الحديث إلا صلوا في الرحال. قال ذلك في السفر. وأما التخلف في حق العروس فقال لا يتخلف العروس عن الجمعة ولا عن الصلوات الخمس في جماعة. وفي مختصر ابن شعبان لا يتخلف الداخل على زوجته ليلة الجمعة عن الجمعة ولا عن جميع الصلوات ولم يتخلف عنها محمَّد أمير المؤمنين وقد دخل ليلة الجمعة. قال ابن شعبان وهو المهدي. قال سحنون قال بعض الناس لا يخرج عنها. وذلك حق لها بالسنّة. قال بعض أشياخي اختلف في تخلف العروس، ولا تصح إباحة التخلف له إلا أن يقال صلاة الجمعة من فروض الكفايات. واختلف في المجذومين. فقال ابن حبيب على الجذمى الجمعة، من يمشي منهم. وليس للسلطان منعهم من دخول المسجد في الجمعة خاصة. وليس لهم مخالطة الناس فيه في غيرها من الصلوات. وقاله مطرف.
وفي كتاب ابن سحنون في أهل البلاد ويكونون من العصر على الميل أو أقل أو أكثر، قال لا جمعة عليهم ولا أرى أن يصلوا الجمعة مع الناس في مصرهم ولهم أن يجمعوا ظهرًا، إقامة بغير أذان في موضعهم. فكان ابن حبيب، لما رأى صلاة الجمعة فرضًا على الأعيان قدم حقهم في هذه الصلاة المتعينة عليهم