للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على حق الناس في التأذي (١) بهم. ولما كان غير الجمعة من الصلوات لا يتعين عليهم حضوار المساجد للجماعات قدم حق الناس عليهم، فلم يجعل من حقهم المخالطة في غير الجمعة من الصلوات. وكأن القول الآخر قدم حق الناس في التأذي بهم (٢) على حقهم في صلاة الجمعة. ورأى أن سقوط الفرض إلى بدل وهو الظهر أولى من حمل الناس على التأذي الذي لا بدل منه. لا سيما والحقوق إذا اجتمعت قدم أكثر على الأقل، والجمهور على الشذوذ. وأيضًا فإن حق الخلق مبني على المشاحة وحق الله تعالى مبني على المسامحة. فهذا القول أولى عندي من هذا الذي ذكرته إلا أن يقال إن المتأذي (٣) بهم آحاد لقلتهم (٤) فيسقط على ما ذكرناه من الترجيح بالكثرة، ويبقى النظر من الوجوه الأخرى التي أشرنا إليها *هذا على أنهم لا يجدون موضعًا يتميزون فيه مما تجزئ فيه صلاة الجمعة. وأما لو وجدوه لوجبت عليهم الجمعة ومنعت الخلطة لأنا يمكننا حينئذ إقامة الحقين جميعًا. حق الله تعالى. وحق الناس. ولا شك أن الجامع إذا ضاق بأهله وأتوا للصلاة متميزين عن الناس في الأقبية بموضع لا يلحق الناس ضررهم أن الجمعة* (٥) واجبة عليهم إذا صلوا بمكان لا يلحق ضررهم الناس. وكان المكان مما تجزي فيه الجمعة. وفي مختصر ابن شعبان قال مالك من أكل ثومًا لا يدخل المسجد ولا رحابه يشهد فيها الجمعة.

فأنت ترى كيف أشار إلى اجتناب الإضرار (٦) بالثاس خاصة أو اجتناب هتك حرمة المسجد بالروائح المنتنة، دون أن يشير لسقوط الجمعة. وهذا هو المعنى الذي قلناه على أنه إنما يبقى النظر فيما قاله في أكل الثوم إذا مُنع من دخول المسجد ورحابه، هل تكون صلاته بالفناء مع اتساع الجامع لدخوله تجزيه عند من رأى أن الصلاة بالأفنية اختيارًا مع سعة الجامع لا تجزي في الجمعة، لكون


(١) في تأذيتهم -و-.
(٢) تأذيهم -و-.
(٣) التأذي - قل.
(٤) لعذرهم - قل.
(٥) ما بين الجمين ممحو -و-.
(٦) الاضطرار -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>