لغسلتك وكفنتك وصليت عليك (١). فلولا أنه جائز لما أخبر أنه يفعله. وأيضًا فقياسًا على غسل الزوجة زوجها. وأما أبو حنيفة فإنه يحتج بأنها فرقة تبيح له نكاح أختها فحرم النظر إليها كالمطلقة قبل الدخول. وقد اختلفت طريقة أصحابنا وأصحاب الشافعي في الانفصال عن هذا. فانفصل أصحاب الشافعي بأن المطلقة قبل الدخول لا يجوز لها غسله فكذلك لا يجوز له. وفي مسألتنا يجوز لها غسله فجاز له. وأصحابنا لا يرون هذا الانفصال لأن أشهب قال: تغسله زوجته وإن لم يبن بها. قال سحنون وكذلك يغسلها هو. والتعويل في الانفصال على أصلنا أن أحكام الزوجية باقية بعد الموت بدليل التوارث.
والتوارث في مقتضى حكم الزوجية. فإذا أشعر التوارث ببقاء حكم الزوجية أجزنا غسل أحدهما صاحبه. فأما الجمع بين الأختين فإنما يمنع فيما طريقه التلذذ. فمن نكح امرأة حرم عليه التلذذ بأختها. والغسل لا تلذذ فيه وإنما بابه باب العبادات. والنظر فيه إلى المغسول يثمر الاعتبار لا اللذة. فلهذا أجزنا الغسل لمّا كان ليس موضوعه وموضوع حكم الجمع بين الأختين موضوعًا واحدًا. وقد كان يجوز له غسلها حال الحياة فانسحب حكمه على ما بعد الموت على ما ذكرناه. ولهذا قلنا إن لها أن تغسله ولو تزوجت غيره إذا وضعت قبل غسله. قال ابن حبيب ورآه كجواز غسله لها. وإن تزوج أختها.
وقد كان قال أحب إليّ ألا يغسلها إذا تزوج أختها. وليس بحرام. وقاله أشهب وكرهه ابن القاسم أيضًا في أحد قوليه.
ولو كان الزوج مسلمًا والزوجة نصرانية فليس له غسلها , ولا تغسله هي إلا بحضرة المسلمين إذ لا يوثق بها إذا خلت به.
ولو كان الزوجان عبدين لجاز أن يغسل أحدهما صاحبه.
وإذا ظهر بعد الموت ما يمنع من صحة النكاح فإن كان فاسدًا لا يقرَّان عليه كنكاح المَحْرم والشغار، فلا يغسل أحدهما صاحبه. وكذلك نكاح المريض والمريضة. ولا يتوارثان فيه لأنه قد قيل عندنا يفسخ النكاح وإن صحّا.