وإن كان النكاح الفاسد مما يفوت بالدخول بأن يكون فساده في صداقة غسلها بعد البناء لا قبله. وأما ما صح من النكاح ولكن ثبت فيه خيار كوجود عيب بأحدهما يوجب الردّ وما في معنى ذلك فإن ذلك لا يمنع من الغسل. قاله سحنون. وأشار بعض الأشياخ إلى تخريج هذا على الاختلاف في القيام بالعيب بعد الموت. فمن مكّن من أصحابنا من القيام به بعد الموت وكان حكم الغسل موقوفًا على خيار من له الخيار. فإن اختار ردّ العصمة بالعيب لم يجز له الغسل. وإن اختار الاستمساك بها لما يكون له في ذلك من فائدة ميراث أو غيره جاز الغسل. وفي هذا التخريج عندي نظر. لأن الخيار إذا وقع بردّ العصمة بعد الموت فهل يكون رافعًا لها من حين العقد؟ هذا أصل مختلف فيه. فيتخرج على هذه الطريقة الاختلاف في هذا الأصل. إلا أن يحتاط للغسل فيرفع منه الخلاف فلا يباح. والظاهر من منصوص أصحاب هذه الطريقة أنهم يرون الاختيار إذا وقع بالردّ، فكأن العصمة لم تكن في منع الميراث، وما في معناه من حقوق الزوجية.
والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: إذا وقع الطلاق البائن ثم حدث الموت بعده، فإن غسل أحدهما صاحبه لا يباح، كالأجانب.
ولو كان الطلاق رجعيًا ثم حدث الموتُ ففي المدونة المنع من الغسل.
وفي المبسوط إجازة الغسل. وفي كتاب أبي الفرج روى ابن نافع عن مالك في المطلقة واحدة يموت زوجها قبل الرجعة أنها تغسله، وبالمنع قال الشافعي في الطلاق، ولم يبح للزوج غسلها فيه. فمن أجاز اعتل بالتوارث وهو يشعر ببقاء حكم الزوجية كما كنا قدمنا. وأشار أبو إسحاق إلى هذا وأن التوارث أباح من (١) الرؤية في حال الحياة. وقد أجبنا عن هذا بأن المطلقة في المرض ترث، وإن كان الطلاق بائنًا. ثم الغسل لا يجوز. فلا اعتبار بالتوارث. وإنما الاعتبار بإباحة الوطء. وانسحاب إباحته. والمطلقة الرجعية محرّمة الوطء وسنتكلم على الخلاف في تحريم الطلاق للوطء في موضعه إن شاء الله تعالى.