للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كفّن في ثلاثة أثواب سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة (١). ولأن أفضل أحوال الحي حالة الإحرام لا يلبس المخيط فينبغي أن يشته الميت به في اللباس. ولأن القميص إنما يُراد للزينة والحرمة والميت ليس من أهل ذلك فليس في تقميصه فائدة. واحتج من يستحب بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفن في قميصه (٢). وانفصل عنه الآخرون بأن رواية عائشة رضي الله عنها أولى لأنها أعلم بهذا. وأيضًا فيمكن أن يكون قد فتق القميص حتى صار كالرداء.

قال بعض أشياخنا لا يقتصر في الكفن على قميص دون المدرج.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: إذا كان الميت لا مال له ولا لهُ من تلزمه نفقته فكفنه في بيت المال. وإن تعذر الوصول إلى بيت المال فكفنه على جميع المسلمين. وإن كان الميت مليًّا فكفنه من ماله إذ لا يلزم أحد أن ينفق عليه إذا كان ذا مال، إلا أن يكون الميت زوجة فإن المذهب اختلف فيها. فإن كان تلزم الزوج نفقتها في ملئها فقال مالك يقضي على الزوج بتكفينها وإن كانت ملية. ورُوي عنه أيضًا أنها إن كانت مليّة. فذلك في مالها، وأن يلزم الزوج إذا كانت فقيرة. وقيل ليس على زوجها تكفينها وإن كانت فقيرة قاله سحنون.

وروي عنه أيضًا أنه استحسن أن يكفنها الزوج إن كانت فقيرة. واختلف أصحاب الشافعي في ذلك فقال بعضهم كفن المرأة في مالها وبه قال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل. وقال بعضهم بل في مال الزوج فيحتج من أسقط الكفن عن الزوج بأن النفقة في مقابلة التمكين من الاستمتاع وذلك يزول بالموت.

وأما العبد فإنه يلزم سيده أن يكفنه، وإن كان قد سقط الملك بالموت. لأن ذلك من الحقوق التابعة للملك وقد كان الملك، فوجب الإنفاق. فهذا الحكم ينسحب على العبد حال الموت حتى تنقضي المؤن اللازمة في الميت. وبهذا المعنى يقدح فيما قدمنا بتعليل من علل سقوط الكفن عن الزوج بسقوط التمكين من الاستمتاع.


(١) البخاري ج ٢ ص ٩٥/ ٩٦ ومسلم ح رقم ٩٤١ ج ٢ ص ٦٤٩.
(٢) أخرجه أبو داود وابن ماجة وفي إسناده يزيد بن أبي زياد. أخرجه مسلم في المتابعات.
وقال غير واحد من الأئمة إنه لا يحتج بحديثه. نصب الراية ج ١ ص ٢٦١.ومختصر المنذري ح ٣٠٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>