للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الواجبة عنهما متساوية. فكان القصد برفع أحد المحدثين يغني عن القصد لرفع الآخر. وكذلك الحدث الأصغر الذي هو البول وشبهه مع الحدث الأكبر الذي هو الجنابة وشبهها، فإن القصد لرفع الحدث الأكبر وهو الجنابة يغني عن القصد لرفع الحدث الأصغر الذي هو البول. لأن الواجب عن البول غسل أعضاء، هي بعض الجملة التي يجب غسلها في الجنابة. وجميع ممنوعاته هي بعض ممنوعات الجنابة أيضًا. وهل يغني القصد لرفع الحدث الأصغر عن الأكبر كمن تيمم للحديث الأصغر ثم ذكر أنه جنب؟ فيه قولان:

أحدهما أنه يرفع أحكام الجنابة. والثاني أنه لا يرفعها.

فوجه القول بأنه يرفعها: أنه بقصده (١) رفع حكم الحدث الأصغر، قصد رفع بعض ممنوعات الجنابة. ومن قصد رفع بعض ممنوعات الحدث ارتفع له جميعها كمن توضأ ليصلي فإنه يستبيح به سائر الممنوعات كما تقدم.

ووجه القول بأنه لا يرفعها انفرادها بممنوعات تختص بها دون الحدث الأصغر. فكانت في معنى العبادات المختلفة التي لا ينوب بعضها عن بعض وأيضًا فإن الحدث الأصغر يسقط حكمه مع الحدث الأكبر إذا اجتمعا فإذا نواه خاصة فقد نوى أمرًا ساقطًا وقصد إلى ما لا يجب عليه، فلم يغنه فيما وجب عليه.

وعلى هذا يتخرج القول فيمن غسل أعضاء الوضوء المفروضة بنية الحدث الأصغر، ثم ذكر أنه جنب بفور ذلك. فهل يبنى غسل الجنابة على ما غسل من هذه الأعضاء أم يستأنف؟ يتخرج على القولين المتقدمين في التيمم.

ولأجل هذا المعنى أيضًا وقع الخلاف في الحائض الجنب إذا تطهرت للجنابة ناسية للحيضة. ويتخرج فيها اختلاف إذا تطهرت للحيضة ناسية للجنابة على قولين أحدهما أن حكم المحدثين يرتفع والآخر أنه لا يرتفع.

فوجه القول بارتفاعه في المسألتين أن الغسل الواجب عن هذين المحدثين واحد. وممنوعاتهما تتماثل. وانفراد الحيض بأنه يمنع من الوطء، وانفراد الجنابة بأنها تمنع من قراءة القرآن، على أحد القولين، في إباحة القراءة


(١) يقصد في الأصل. والصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>