للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للحائض، إذا حمل قول أصحابنا على إطلاقه في الإباحة، وإن ارتفع الدم. فإن هذا الانفراد الذي انفرد به كل واحد من هذين المحدثين، لا يمنع من ارتفاعه بالقصد (١) إلى رفع صاحبه، لأن ممنوعات صاحبه هي أكثر من ممنوعاته. وقد قدمنا أن القصد لرفع بعض ممنوعات الحدث يرفع جميعها. فوجب أن يكفي القصد ها هنا لرفع أحد هذين المحدثين، لكون ممنوعات أحدهما مثل ممنوعات الآخر.

ووجه القول بأنه لا يرتفع. أن كل واحد من هذين المحدثين لما اختص بنوع ينفرد به، صار في معنى المخالف للآخر، فلم يجزئ القصد لأحدهما عن القصد للآخر، لمخالفة أحدهما للآخر.

ومن هذا النمط اختلاف أصحابنا فيمن تطهير للجمعة ناسيًا للجنابة، أو للجنابة ناسيًا للجمعة. فهل ينوب القصد لأحدهما عن الآخر أم لا؟ في ذلك قولان. فوجه القول: بأن ذلك لا ينوب، أن سبب طهارة الجنابة رفع الحدث، وسبب غسل الجمعة تطييب الرائحة والنظافة. فلما اختلف سبب العبادتين صارا في معنى المختلفتين (٢) في أنفسهما لا سيما مع كون غسل الجنابة فرضًا، وغسل الجمعة نفلًا. وهذا غاية الاختلاف.

ووجه القول بأنه ينوب: أن غسل الجمعة شرع للنظافة، ثم يخاطب به من كان نظيفًا. فدل أن هذا السبب لا يراعى ولا يوجب اختلاف أبي ن العبادتين. فإذا تطهير للجنابة فقد حصلت النظافة التي هي السبب في غسل الجمعة إن راعينا هذا السبب. فوجب أن نكتفي به بحصول الغرض (٣) من الطهارة الأخرى. وإن اغتسل للجمعة ناسيًا للجنابة فإن نيته كالمتضمنة لرفع الحدث. لأن المكلف لا يقصد إلى النفل إلا وهو يعتقد أن الفرض حينئذ حاصل. فصارت نية الفرض كالمذكورة حينئذ. فاكتفى بهذا القدر (٤) فيها.


(١) إلى هنا من ص ٤٠ سطر ١٢ من النسخة الحمزاوية انقطع وصل الكلام. وتمامه في ص ١٢ سطر ١٧.
(٢) المختلفتين في -ق-: والمختلف في -ح-.
(٣) نكتفي له بحصول الفرض. في -ح-.
(٤) العذر. في الأصل والصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>