للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوجبته الأحكام، لا يتهمان على القصد إليه.

وهذا النوع من الاعتذار كنا سلكناه نحن في المسألة المتقدمة، وهي إقالة أحد الشريكين في سلَم من جميع نصيبه، وذكرنا تعقب سحنون أيضًا لهذا، لأجل أن الحكم يقتضي مشاركة شريكه فيما قبض من الإقالة، وأشرنا هناك إلى أن ما توجبه الأحكام اضطرب المذهب فيه: هل هو كالمشترط لأنهما لما عملا ما توجبه الأحكام فكأنهما عليه دخلا، وما دخلا عليه كأنّهما اشترطاه؟ أو لا يقدر الحكم ها هنا كالشرط لكونهما مغلوبين عليه كما قيل في الإقالة إذا هرب أحدهما أنها لا تفسد لكون الآخر مغلوبًا على التأخير؟ ولهذا بسط هذا الوجه بعض أشياخي فقال: إن كانا جاهلين بالحكم معتقدين أن التأخير يصح والفعل (١) للورثة فيه، فإن الإقالة ماضية لأنهما عقداها على وجه جائز، ثم غلبا على التأخير. وكذلك لو كانا عالمين بالحكم، ولكنهما قصدا الافتيات على الورثة وغَلَبَتَهم على حقهم في ذلك، فإن الإقالة تمضي أحوالهما (٢) لم يتعاقدا على تأخير.

ولو كانت الوصية لورثته لأن يقبلوه بعد موته، لصحت. ولو وقعت منه إيجابًا على نفسه في المرض لا رجوع له عنه وهو يعلم أنها تؤخر فإنها تفسد.

ولو كان وقع ذلك منه في المرض على أنه بالخيار ما بينه وبين الموت لكان ذلك جاريًا على القولين في عقد النكاح على خيار أحدهما أو عقد الصرف على خيار أيضًا، لكن لم يختلف في إمضاء بيع المريض وإن كان بمحاباة، مع كون المحاباة إنما تعتبر في ثلثه بعد موته ولا يدري متى يموت، ولا ما يحصل من المحاباة، فصار الثمن مجهولًا لأجَلِه ومقداره. ولكنهم لم يختلفوا في هذه المسألة لكون هذه جهالة أوجبت الأخذ. وهذا يؤكد صحة العذر الذي أشرنا إليه في مسألة الكتاب.


(١) هكذا، ولعل الصواب: والفضل.
(٢) هكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>