للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا حكم الإقالة إذا وقعت من المسلم في الطعام وهو مريض.

ولو وقعت من المسلم إليه وهو مريض، فأقال من هذا الطعام الذي رأس الم الذيه مائة درهم، وهو يساوي خمسين درهما، لكان أيضًا من حق الورثة فيه ما ذكرناه من حقهم في الإقالة الواقعة ممن له السلم لأجل المحاباة؛ لكن الأشهر من قول أصحابنا ها هنا أن يدفع الطعام كلّه إلى من له السلم، وينظر فيما فضل عن ما اشترى به هذا الطعام من الدراهم التي وقعت الإقالة عليها، فيعطى الثلث من هذه الدراهم الفاضلة بمنزلة السلم، وكان ما وصفه له بدراهم يعطاها بعد قضاء؛ ولا يتصور ها هنا بيع الطعام قبل قبضه لأن جميعه وصل إلى من له السلم ولم يبع منه شيئًا. وقال الشيخ أبو سعيد بن أخي هشام: بل يشترى له بالثلث الباقي من الدراهم طعامًا، ولا يرد إليه درهمًا، لئلا يكون رجع إليه بعض رأس ماله وهي الدراهم التي وصى له بها، فيكون هذا المنع لما تضمنه من سلف جر منفعة، على حسب، ما يكون (١) بيانه فيما تقدم.

والجواب عن السؤال الرابع أن يقال:

ذكر في المدونة أنه إذا أسلم إليه ثوبًا في طعام فأقاله على الثوب، وضاع الثوب قبل أن يعود إلى ربه، فإن الإقالة تبطل. وهذا لأنه لم يقدر أن الضمان انتقل إلى دافع الثوب أوّلًا. وقد ينازع بعض الأشياخ في تأويل هذه المسألة، فمنهم من أقرها على حكم الضمان وغيرها من عقود البياعات، ورأى أن الذي ذكره في الكتاب محمول على أن الثوب لم يعد (٢) بينته بضياعه، فإنه لا ينقل الضمان عمّن هو في يده، على ما سيرد بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى. وقد تقدمت الإشارة إليه فيما سلف.

ومنهم من رأى أن هذا الاختلاف كما اختلف فيمن احتبس بالثمن، لأن تأخير التقابض فيما احتبس بالثمن لا يفسد العقد والمعاملة التي تعاقدا عليه،


(١) هكذا، ولعل الصواب: تَمَّ.
(٢) كلمة غير واضحة ولعلها: لم يُقم.

<<  <  ج: ص:  >  >>