للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طعامًا من غير خلاف، فيتّهمان على أن يكونا تعاقدا على إسلام طعام في طعام إلى أجل وهذا ممنوع. ولما قدرنا امتناع الإقالة لتغير رأس المال وذكرناها. هذا عن أصل سحنون (علة الامتناع لعلة أخرى غير تغير رأس المال) (١) لكون إسلام طعام في طعام إلى أجل يتصور ها هنا من جهة التهمة وحماية الذريعة، فكذلك أيضًا لو اشترى طعامًا غائبًا ثم أقال منه فإنه يمنع لكون ثمن الطعام عليه دينًا، فدفع عنه طعامًا غائبًا، ودفع سلعة غائبة عن دين في الذمة لا يجوز، لأنه يقدر فيه فسخ دين في دين، على ما وقع في المذهب من الاضطراب.

وهذا الأصل للإشكال الذي عرض فيه وذلك أنه لا إشك الذي أنه إذا فسخ دينًا في الذمة في دين آخر يتأخر قبضه، فإن ذلك ممنوع، وإن أخذ عنه سلعة بعينها قبضها في الحال فإن ذلك يجوز، إذا لم يمنع مانع، وقد قدمنا الموانع في المعاوضة عن الديون. وإن أخذ سلعة بعينها غائبة فإنها تشبه فسخ الدين في الدين، لما في قبضها من تأخير، وشبه السلعة المقبوضة في الحال لما فيها من تعيين الخلاف، لكنها تخالف السلعة المقبوضة بالتأخير، وتخالف فسخ الدين في الدين لما في قبضها من تأخير، وتخالف فسخ الدين في الدين بالتعيين. فوقع الاضطراب فيهالأولأجل هذا منع في المشهور من المذهب الإقالة من سلعة غائبة. وإن كانت عرضًا لا طعامًا لم يتصور فيها من تقدير فسخ دين في دين، وكأنه دفع العرض الغائب الذي اشتراه عما وجب عليه من ثمنه، وإن كان أشهب أجاز الإقالة من العروض الغائبة، ووافقه يبيح، وقال بأن الذمتين ها هنا تبرأ (٢) بهذه الإقالة من هذه المعاملة ولا ينعقد، بخلاف فسخ دين في دين الذي لم تبرأ منه الذمة بل انعقد الدين فيها. ورأى بعض أشياخي أن هذا التعليل يقتضي جواز الإقالة في الطعام الغائب، لكون الإقالة فيه تحل به المعاملة، وتبرأ به الذمم، فكأن الدين الذي هو ثمن الطعام الغائب لم يقدر حصوله في الذمة لكون المعاملة عليه قوإنحلت، لا سيما على القول: إن الإقالة حلّ للبيع لا ابتداء بيع.


(١) هكذا في جميع النسخ.
(٢) هكذا في كل النسخ، ولعل الصواب: تبرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>