ومما ينخرط في سلك الإقالة، وقد تغير رأس المال: من أسلم في طعام فقبض بعضه لما حلّ أجله ثم أقال فيما بقي، فإن ذلك لا يجوز، لأنه يقدر أن المقبوض انعقد به (البيع) والمقال فيه الذي لم يقبض قد ردّ رأس ماله فقدر سلفًا، فصارت هذه الإقالة كبيع وسلف. ولو أقال من الجميع، ما قبض وما لم يقبض، وكان المقبوض كثيرًا، فإنه يمنع؛ لأنه لما قبض صارت الإقالة مانعة لما اكتاله وقبضه، وانتقل ضمانه إليه، ولكنه لم يفعل هذه المبايعة إلا بشرط أن يقال في المال، والإقالة بشرط بيع سلعة أخرى تمنع. بخلاف لو أقاله من جميع السلم، ولم يقبض منه شيئًا، فإنّ ذلك جائز، لكونه لا يتصور فيه ما قررناه من تغير رأس الم الذي الإقالة. لكن لو كان المقبوض يسيرًا كعشرة أرادب من مائة إردبّ، فإن مالكًا استخفه ليسارة المقبوض، وبُعد التهمة فيه لنزارته، وكرهه ابن القاسم لما يتصور فيه من إقالة بشرط سابق والله المستعان.
والجواب عن السؤال الثامن أن يقال:
إذا أسلم رجلان إلى رجل فولّى أحدهما نصيبه إلى رجل، فورثه عن ذلك الرجل جماعة؛ أو ولاه لِجماعة، فإن كل واحد من هذه الجماعة يجوز له أن يقيل من جميع نصيبه الذي صار إليه بالتولية وبالميراث، ولا يجوز له أن يقيل من بعضه. وقدر في هذه الرواية أن أحد الورثة إذا ورث نصيبًا من ذلك السلم فإنه يحل في نفسه محل من كان له أصل السلم. وقد قدمنا أن من كان له أصل السلم يجوز له أن يقيل من جميع السلم لا من بعضه، وكذلك الوارث يحل محل الموروث منه فتباح له الإقالة من جميع نصيبه لا من بعضه. وقد عرضنا المنع من إقالته لبعض نصيبه بأن من كان له السلم في الأصل وتولى عقده، إنما منع أن يقيل من بعض السلم حماية للذريعة لئلا يكون أظهر عقدًا صحيحًا وأبطن أنه يسلف من رأس المال (أقال فيه بشرط منه المسلم إليه المبيع بقي الباقي الذي لم يقل منه)(١). وهذه المواطأة إنما تتصور في عاقد السلم،