للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد أن عقد عليه، فإن ذلك على ما ذكره ابن المواز، وعورض فيه بأن الثمن لم (١) عن تغيير في هذه التولية، فإن إسقاط الحميل والرهن قبلها، كما لو أُسقط في حين العقد لها، وكذلك لو أسلم عشرة دنانير في طعام، ثم زاد من عليه السلم في ثمنه دينارًا، قد قيل: لا يجوز في هذه التوليةُ على حال؛ لأنه إن وقعت على العشرة دنانير التي عليها ولم يطالب من ولاه الزيادة التي زادها بعد العقد لأجل العقد، وهي كبعض الثمن، فإن ذلك يمنع لما فيه من تغير الثمن. وإن عقدت التولية على أحد عشر دينارًا فإن ذلك أيضًا يغير الثمن؛ لأن الدينار الزائد على العشرة بقوله (٢) وتطوع، وهو على من ولاه واجب في عقد التولية، ولهذا تغيّر الثمن.

وقيل: بل تجوز التولية إذا ولاه بجملة الثمن وما زاد عليه، وأخبره أن الزيادة تطوعَ بها بعد العقد. كذلك اختلف فيمن اشترى طعامًا بثمن مؤجل هل يجوز له أن يوليه بمثل الثمن إلى مثل الأجل؟ فأجازه مالك ومنعه ابن القاسم وأشهب.

وسبب هذا الاختلاف النظر في اختلاف الذمم هل يغير الثمن أم لا؟ فقال مالك: إن الثمن لا يختلف باختلاف ذمة (الثمن المبيع به) (٣) المولي والمولى فلم يمنع الإقالة. ورأى ابن القاسم وأشهب أن الدين يختلف باختلاف الذمم؛ لأن الثمن المبيع به إذا كان مؤجلًا على غنيّ تثق النفس بأنه لا يعتبر (٤) بالثمن إذا حل الأجل، فسامح فيه البائع. وإذا بيع بثمن مؤجل على فقير تتخوف النفس منه ألا يجد ما يقتضي منه عند الأجل، يستظهر عليه بالثمن، لأجل ما يترقب من فقره. فصار الثمن مختلفًا في هذه التولية في التقدير ملحقًا بما ذكرناه مما صورنا فيه اختلاف الثمن تقديرًا لا حسًا.

وأيضًا فإن العين المؤجل كالعدم. وقد قدمنا أنه لا يفيد التولية على مثل العرض في الرهبان، وأن لما بينا في هذا الثمن المؤجل كتماثل العرضين، وقد


(١) كلمة غير واضحة في الأصل.
(٢) هكذا.
(٣) هكذا، والكلام بدونه أوضح.
(٤) هكذا، والأقرب: لا يتعَثَّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>