للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر في المدونة فيمن اشترى طعامًا في سفينته فاكتاله ثم أشْرك فيه رجلًا فغرقت السفينة: أن مصيبة الطعام جميعًا منهما، مشتريه ومن شاركه فيه. وهذا يشعر بأنه لا يوجب على الذي اشترك في طعامه كيلًا، إذ لو وجب عليه الكيل لكان ضمانه منه حتى يكتال الشريك ما اشترك فيه، كما يجب على البائع للطعام ضمان ما باعه حتى يكتاله لمشتريه. وإلى هذا ذهب ابن حبيب. وأشار سحنون إلى خلاف هذا، وكتب على المسألة (١). وقال فضل بن سلمة: ينبغي أن يكون للطعام (٢) من مشتري الطعام حتى يكتال لمن أشركه ما أشركه فيه. وأشار بعض الأشياخ إلى أنه ينبغي أن يُجرى في التولية والإقالة والمقبوض (٣) والهبة هذا المجرى في إسقاط الكيل، بخلاف البيع، لأجل أن هذه المعاني كلها طريقها المعروف، وإذا كان طريقها المعروف والإحسان لم يكلف من قصد "الإحسان شططًا بإيجاب الكيل وأداء أجرته. وأشار إلى أنه قد تختلف هذه المعاني التي ذكرناها كما اختلف في المذهب فيمن وهب لرجل أقساطًا من زيت جلجلان، هل يجب على الواهب عصر هذا الجلجلان حتى يتوصل الموهوب إلى ما وهب له أم لا؟ وفرق ابن حبيب بين هذه المعاني، فسلك في الشركة مسلك المدونة كما حكيناه، وأوجب في التولية والإقالة الكيل على المقيل والمولي إذا غابا على الطعام، فإن لم يغيبا عليه فإن الكيل لا يجب على المقيل ويجب على المولّي. وهذه التفرقة التي فرق فيها بين الإقالة والتولية (إذا لم يقع عليه على الطعام) (٣) لا يتضح لها وجه محقق؛ لأن المولي والمقيل إنما عقدا على أنفسهما ما عقداه في هذا الطعام على أن يكون المقال والمولَّى لهما زيادة الكيل في هذا الطعام أو نقصانه والتزمَا قَبُولَ أخذ الطعام على حسب ما رضي به المقيل والمولي في الكيل، وهو لم يغب على الطعام، فيتهم بالخيانة، والبيع الذي طريقه المكايسة يكون للبائع مَقال في زيادة الكيل ونقصانه، على ما سيرد بيانه


(١) كلمتان غير واضحتين.
(٢) هكذا في الأصل، ولعل الصواب: الضمان.
(٣) هكذا في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>