للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن شاء الله في موضعه.

وقد اختلف تأويل الأشياخ لهذه المسألة المذكورة في المدونة، فرأى بعضهم أن هذا الطعام الذي غَرِقَتْ به السفينة شهدت بينة بتلفه، فلهذا أطلق القول بأنه لا يضمنه الذي أشرك فيه، بل يكون الضمان عليهما جميعًا. وإذا لم تقم بيّنة بتلفه فإنه لا ضمان على من أشرك فيه إذا كان ذلك محبوسًا بالثمن، على ما سيرد بيانه في ضمان المحتبس بالثمن إن شاء الله.

ومن الأشياخ من رأى أن هذه المسألة وأمثالها يجب أن تخرج عن هذا الأصل، لأجل أن الشركة في الطعام قبل أن يقبض إنما جازت لكونها يقصد بها المعروف فخالفت البيوع بهذا، فكذلك ينبغي أن يخالف أحكام البيوع في الضمان أيضًا. ولو اكتال المشترك الطعامَ الذي اشترك فيه فضاع بقية الطعام قبل أن يكتال، إن ضمان الذي ذهب قبل كيله منهما جميعًا، والذي اكتيل بينهما يكون جميعًا لأجل ما صار في يديه مما اكتيل إنما يعلم استحقاقه لجميعه بعد قيل ما بقي، فإذا ضاع ما بقي قبل أن يستحق هو ما في يديه وجب أن يبقيا على حكم الشركة فيما ضاع وفيما بقي. هكذا ذكر أشهب في كتاب ابن المواز، لكن لو تلف الذي اكتيل في يد من اكتاله لكان ضامنًا لنصيبه الذي قبضه لنفسه ليستبد به؛ لأنه بقي عليه حق التوفية لصاحبه مثل ما صار إليه هو، فهذا رجع إليه صاحبه إذا ضاع ما لم يكتل، ويضمن هو ما اكتيل لأجل أنه قد وفّى لصاحبه ما عليه من قيل.

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

هذه اللفظة التي هي الشركة يصلح استعمالها في الشريك يجد من المال كل ذلك الجزء أو أكثر. لكن هذا الجزء إذا نصّ عليه ارتفع الاحتمال، مثل أن يقول: أشاركك بربع هذا المال. فإن لم ينص على هذا الجزء بل ذكر لفظ الشركة مطلقًا فقد قال (١) في المدونة في رجلين اشتريا عبدًا شركة بينهما،


(١) بداية صفحة ٤٣/ ومن الوطنية حيث انتهى النقص الواقع فيها قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>