للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلقيهما رجل فقال: أشركاني معكما ... إنه يكون شريكًا بالثلث، لأنه إنما أراد أن يكون كأحدهما. وهذا الجواب لا يعول عليه في إطلاق لفظ الشركة على ماذا يحمل من الأجزاء، لأنه ذكر في الكتاب أنهما أرادا أن يكون العبد بينهم على المساواة، والمساواة لا يكون له بأن يكون بينهما العبد وقد (١) ... أن الشركة إذا قدمت بذكر جزء صِير إليه. وهذا إن أراد أن يكون كأحدهما صار ذلك كالنطق بالجزء، ولهذا قال بعض الأشياخ: إن المسألة محمولة على أنه لقيهما مجتمعين فخاطبهما جميعًا فأجابا جميعًا. لأن هذه الصورة الظاهر أن الخطاب لما كان لهما معًا حمل جوابهما على قصدهما إلى أن يساوي كل واحد منهما. فلو لقي كل واحد على انفراده فسأله في الشركة فأجابه بالإِنعام لاستحق بذلك نصف ما ملكه من هذا العبد وهو الربع فإذا لقي بعد ذلك الشريك الآخر فسأله في الشركة فأنعم له فإنه يستحق أيضًا نصف ما في يديه وهو الربع، فيكون لهذا المنفرد بالسؤال نصفه، والآخريْن نصفه. ولو كانت شركة المشتريين العبدَ على أجزاء مختلفة فسألهما هذا في الشركة فأنْعَمَا لهُ بها، فإنه يكون له نصف العبد لأن كل واحد منهما قد أشركه فيما يملكه، والشركة تقتضي المساواة، فإذا ساوى كل واحد منهما جاز له نصف ما في يديه، فقد ملك نصف العبد.

وهذه الطريقة التي سلكها الأشياخ تقتضي حمل لفظ الشركة على المشاركة بالنصف والمشاركة فيما اشتركا فيه، وإنما استدلوا باختلاف الأجزاء أو بالتقاء في مجلسين على أنهما لم يقصدا الخروج على ظاهر لفظ الشركة الذي قدرنا أنه يقتضي المساواة، وعولوا على قوله في الكتاب؛ لأنهما رهنا (٢) فأشاروا إلى أن اختلاف الأجزاء، وافتراق المجالس لا يظهر معه أنهما أرادا ما ذكر عنهما. وقد قيل في مسألة الكتاب: إن هذا السائل في الشركة يكون له نصف العبد. وهذا الجواب الذي وقع مطلقًا هو مطابق لما ذكرناه عن الأشياخ


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: قدر.
(٢) مقدار كلمتين غير واضحتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>