للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل فيما يعد من الأطعمة كالبيع لها قبل أن تقبض.

اعلم أن هذا أصل اضطربت فيه الرواية. الحديث إنما ورد بالنهي عن بيع الطعام قبل قبضه، ولم يرد بالنهي عن قضائه. وهكذا قدمنا عن بعض أشياخنا أنه يرى أن حقيقة البيع يختلف فيها هل هي التعاقد أو التقابض؟. فإن قلنا: إنها التقابض حسن ها هنا إجراء القضاء مجرى البيع. فإذا كان أسلم زيد لعمرو في عشرة أقفزة قمحًا، وأسلم عمرو لزيد في مثلها، فأرادا أن يتقاصّا ويتباريا فإن اختلف رأس المال لم تجز المقاصة، وإن اتفق رأس المال ففي ذلك قولان: منعه ابن (١) وأجازه أشهب. وسبب هذا الاختلاف أن بيع الطعام قبل قبضه قد قررنا منعه، والإقالة من الطعام على رأس المال قدمنا جوازه، وعلى أقل من رأس المال أو أكثر قررنا منعه، لأنه إن أقال على أكثر من رأس المال ظُن بهما أنهما أبطنا دفع دنانير في أكثر منها، وذُكِر الطعام محللًا، وتعاقدهما في الباطن سلف بزيادة؛ وإن أقال على أقل من رأس المال يكتب (٢) هذه إقالة لما قدمناه مما تشعر به هذه اللفظة، ولما ذكرناها وذكرنا اشتقاقها، وإذا لم تكن إقالة فهي بيع، وبيع الطعام قبل قبضه ممنوع، فإذا وقعت المقاصة ها هنا ورأس المال مختلف فيه، وأجرَيْناهَا على مقتضى هذه العبارة، وهي بيع طعام بطعام قبل أن يقع فيهما قبض، وأن ذلك ممنوع، وإذا عدلنا بهما على مقتضى هذه اللفظة إلى ما قد يؤول إليه معناها وهي التقايل على رأس المال فإن رأس المال مختلف، والإقالة عليه لا تجوز، كما قدمناه. وإن اتفق رأس المال فابن القاسم أجراهما على مقتضى هذه اللفظة وهي إسقاط طعام بإسقاط طعام مثله، وهذه مبايعة


(١) فراغ في جميع النسخ، والأقرب أن يكون: ابن القاسم، لِما سيأتي قريبًا.
(٢) هكذا في الجميع والكلمة غير واضحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>