للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لطعام بطعام قبل القبض. وإن أجرينا على أن هذه المتاركة تؤول إلى الإقالة وكأن كل واحد منهما أقال صاحبه على ردّ رأس المال، فقد صار هذا التعاقد بينهما له مصرفان: أحدهما وهي مبايعة طعام بطعام قبل أن يقبض. والثاني: يجوز، وهي تقايل طعام لم يقبض، فهل يصرف ذلك إلى مقتضى اللفظ، وإلى الوجه المحرم، واحتياطًا للعقود، ويعدل (١) عن مقتضى اللفظ إلى ما يصل إليه معناه مما هو مباح. هذا أصل مضطرب فيه، وقد اختلف لفظ المدونة في بيع ثوب بمثله إلى أجل، مُنع ذلك تارة اتباعًا لمقتضى اللفظ، ومقتضاه يشعر بالمكايسة وطلب المنفعة، وقال في موضع آخر: إن قصد بذلك مسلف الثوب منفعة نفسه لم يجز، وإن قصد منفعة المسلَف جاز ذلك. فاعتبر المعنى والقصد دون اللفظ.

وقد أتبع هذه المسألة في المقاصة بلفظ مشكل فقال: تمنع المقاصة. كما لو كان ذلك على رجلين، هل مراده بذلك أن يكون لزيد على عمرو، ولخالد على بكر، طعام، فيتقايلون جميعًا، بأن يأخذ هذا ما على غريم هذا؟ وهذا يتضح فساده لكونه بائعًا للطعام قبل قبضه، ولا تتصور ها هنا إقالة، فيحسن الخلاف فيه. وقيل: مراده بهذا أن يكون مَن عليه طعام أُسلم إليه فيه، أحال المسلَم إليه على طعام له في ذمة رجل، فإن هذا البيع (٢)، لكون هذه الحوالة بيع (٣)، وبيع الطعام قبل قبضه يمنع. لكن هذا فيه اختلاف، فابن القاسم يمنعه، ويرى أن تحول من له السلم إلى ذمة أخرى أُحيل عليها ليأخذ طعامه منها بيع لما أسلم فيه قبل قبضه. ويرى أشهب أن ذلك لا يجوز إذا تساوت رؤوس

الأمو الذي هذين الطعامين.

وأشار بعض الأشياخ إلى معارضة اشتراط تساوي رأس المال ها هنا، لأنا إنما اشترطناه على مذهب أشهب، في المقاصة التي قدمناها، ليكون كل واحد من المتقاصَّيْن له على صاحبه مثل ما لصاحبه عليه، فيقدّر أنهما تقايلا، والإقالة


(١) هكذا في الجميع، ولعل الصواب: أو.
(٢) هكذا في الجميع، ولعل الصواب: بيع.
(٣) هكذا في الجميع، ولعل الصواب بيعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>