للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا بد فيها من اعتبار رد رأس المال من غير زيادة ولا نقصان، وها هنا الذي عليه السلم دفع إليه رأس المال رجل غير الرجل الذي دفع إليه من عليه السلم رأس الم الذي الطعام الذي أحال عليه به، فلا يُتصور ها هنا أن يكون رجل دفع دنانير ورجع إليه أكثر منها، لكنه يزيد في هذا الاعتراض لكون المحال يحيل على من أحاله، والذي أحاله ها هنا لا يجوز له أن يقيل إلا على رأس المال، وكذلك المحال من جهته. وقد ذكر أن أشهب يرى هذا كالتولية في هذه المسألة التي ذكرنا الاعتراض فيها، والتولية أيضًا لا تكون إلا على مثل رأس المال.

ورأيت بعض أصحاب الشافعي ذكر أن بعضهم في هذه المسألة مثل الذي حكيناه عن ابن القاسم .. واحتج للمنع بأن النبي عليه السلام نهى أن يباع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري فيه (١) فوجب المنع منه.

لكنه ذكر أن المسلم إليه في الطعام لو قبضه من غريمه بمكيال، وسلم إلى من له عليه السلم بذلك المكيال قبل أن يفرغه، فإن فيه عندهم وجهين: أحدهما المنع قال: وهو المذهب المشهور. والثاني: الجواز. فالمنع لكونه طعامًا لم تجر فيه الصاعان. والجواز لأنه إذا أسلمه في مكيال له صار ذلك كابتداء الكيل، واستدامة الكيل ها هنا كابتدائه. كما يجوز لمن له طعام في ذمة آخر أن يقبض منه وقد ملأ المكيال من عليه الطعام قبل أن يطلبه هذا به، ولا فائدة في تفريجِ هذا المكيال وإعادته على حسب ما كان من غير زيادة ولا نقصان ومقتضى أصل مذهبنا نحن الاكتفاءُ بهذا، ولا يكلف تفريغَ المكيال وإعادتَه على حسب ما كان. وقد أجاز في المدونة إذا اكتال طعامًا بحضرة رجل أن يبيعه من ذلك الرجل المشاهِد لكيله إذا لم يكن بينهما في ذلك -وأْي (٢) ولا عادة. وهذا يشعر بأنه (لا يوجب أن يشعر) (٣) في صبّ الطعام في المكيال بعد عقد البيع.

ومما يجري على هذا الأسلوب أن من عليه طعام أسلم إليه فأحال المسلم


(١) البيهقي: السنن الكبرى: ٥/ ٣١٥، ٣١٦.
(٢) أي: وَعْدٌ.
(٣) هكذا في الجميع، ولعل الصواب: لا يجب أن يشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>