للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا وجب غرم المثل على البائع أو على أجنبي أتلفها فالبيع منعقد.

وإنما بقي منعقدًا ها هنا، بخلاف تلفها من قبل الله سبحانه، لأن الأجنبي إذا غرمناه مثلها وجبرناه عليه بحكم الشرع صارت الصبرة المتلفة كأنها لم تتلف، لكوننا قد جبرنا متلفها ها هنا على رد مثلها مكانها، فلا مضرة على البائع في بقاء العقد على ما هو عليه. والمشتري إذا اجتهدنا في القضاء على متلفها في إحضار مثلها على حسب ما كانت عليه فكأنه لا ضرر عليه في إلزامه أخذ هذا عن المتلَف (١). ولهذا ألزمنا متلف طعام عرف كيله غرامة مثله، ولم يكن مقال لصاحب الطعام إذا أخذ مثل طعامه، لأنّا بالغنا في الاجتهاد في نفي الضرر عنه، لا سيما وهذا الذي أتلف صبرة مبيعة قد علم كيلها قد أبطل حقًا على البائع، وهو حل عقدته، وإبطال صفقته، وحقَّا على المشتري تعلق بعين الطعام الذي اشتراه. فإذا أغرمنا المتلف مثل المكيلة فقد قام بما عليه من الحقين: حقّ البائع في أن لا يُحل عقدُه، وحق المشتري أيضًا في ذلك. وإذا تلفت بأمر من الله سبحانه، وطلبنا البائع بغرامة مثلها أضررنا به لإمكان أن لا يكون عنده ما يشتري به صبرة أخرى، وإذا لم يوجب عليه ذلك أشعر ذلك بانحلال العقد، فلا يلزم المشتري أيضًا قبول مثلها، وإن تطوع البائع بغرامة مثلها. هذا قصارى ما يمكن أن يذكر من وجه التفرقة بين التلف من قبل الله سبحانه أو التلف من جهة الأجنبي لأجل أن السّابق إلى النفس أن الطعام إن كان يراد لعينه كالعروض فإن العقد ينفسخ بتلف المبيع، كان تلفه من قبل الله سبحانه أو من قبل رجل أتلفه؛ وإن كان لا يراد لعينه كان القضاء بمثله هو الأصل كما يقضى في الدنانير والدراهم. لكن ما ذكرناه هو العذر عن التفرقة بين التلف من قبل الله سبحانه أو من قبل أحد من الناس .. وإن لم تتقدم معرفة بكيل الطعام فتلفه من قبل الله سبحانه يحلّ العقد أيضًا كما قدمناه.

فإن كان تلفه من قبل المشتري فإنه يعدّ ماضيًا لما يتحرى فيه من المكيلة.


(١) في (ش): هكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>